Hakadha Takallam Zaradusht
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Genres
هل أتاك يقين جديد، فأرهقك بثقله وفعلت خميرته فعلها فيك؟ فقد رأيناك ساكنا كالعجين المنتفخ باختماره، وشعرنا بروحك تتدفق من جنبيك.
فأجاب زارا: اذهبا في ثرثرتكما، يا حيواني ودعاني أشدد عزمي بالإصغاء إلى هذه الروح. إن الثرثرة لتبسط العالم كله أمامي كحديقة مترامية الأطراف.
إن العذوبة كلها كامنة في الكلمات والأصوات، فما هي إلا جسور من الوهم ممدودة بين الكائنات المنفصلة إلى الأبد.
لكل نفس عالمها فهي تجد في كل نفس أخرى عالما آخر، وكلما ازداد التشابه بين الأشياء ازداد خداع السراب بينها، وأصعب المآزق اجتيازا أضيقها.
إنني لا أدرك كيف يمكن أن يوجد شيء ليس في أنا؛ لأن نفي الذات ممتنع، غير أن جميع الأصوات تنسينا هذه الحقيقة وخير لنا أن نتمكن من نسيانها.
ما أعطيت الأسماء والأصوات إلا لتشديد عزم الإنسان، وهل اللغة إلا جنون له لذته؟ أفما ترى الإنسان يرقص بيانه على كل شيء.
ما ألذ الكلمات وما أحلى خداع الأصوات! فإنها ترقص حبنا على جميع ما في قوس قزح من الألوان.
فأجاب الحيوانان قائلين: «إن من له عقليتنا يرى الأشياء متراقصة لنفسها؛ لأن كل الأشياء تتقدم إلى مسرح الوجود فتتصافح وتضحك وتنسحب ثم تعود.
الكل يذهب والكل يرجع وعجلة الكون تدور إلى الأبد، كل شيء يموت، وكل شيء يعود فتنور أزهاره ودوائر الوجود لا انتهاء لها.
تتحطم الأشياء فتتبدد، ثم تعود فتلتئم لتجديد بناء الوجود، يتفرق الشمل على وداع، فإذا بعده تسليم فحلقة الكون أمينة لذاتها إلى الأبد.
Unknown page