Hakadha Takallam Zaradusht
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Genres
أما معدتي فلعلها حوصلة عقاب؛ لأن أفضل ما تشتهيه لحوم النعاج، وإن لم تكن حوصلة عقاب فهي على كل حوصلة مجنح من أبناء الفضاء؛ لأنني أتغذى من كل طاهر لذيذ فأتوق أبدا إلى الاختطاف والانخطاف، وكيف لا يكون في شيء من الطير وأنا أهفو إلى هذه الحياة.
كفاني أن أعادي كل روح ثقيل لأكون شبيها بالطيور، فأنا العدو الألد لروح الكثافة، بل العدو المقسم ألا يحول عن كرهه وقد تكون معه في رحم أمه، فتلك العداوة لن تطير ولن تتبدد.
لسوف أطلق صوتي بالإنشاد مترنما بهذه المعاني بالرغم من انفرادي في مسكني المقفر حيث لا يسمع أغاني غير أذناي.
لكم في الأرض من منشد لا ينطلق الصوت الشجي من حنجرته، ولا تطابق التوقيع حركة يده ولا تشع عيناه ولا ينتبه قلبه إلا إذا غص البيت بالسامعين، وما أنا من أمثال هذا المنشد.
2
إن من سيعلم الطيران للناس في آتي الزمان سيدفع كل ما ضرب حولهم من حدود، بل سيذري معالمها هباء ويبدل اسم الأرض باسم يدل على زوال كثافتها وثقلها.
إن النعامة تعدو بأسرع ما تعدو الخيول الضوامر غير أنها لا تزال كالإنسان تغرس رأسها الثقيل في التراب الثقيل، وما الإنسان بأفضل منها ما زال يجهل كيف يطير، وما زال يشعر أن الحياة ثقيلة كالأرض.
من يريد أن يشعر من نفسه بخفة الطير فعليه أن يتوسل بالأنانية للانعتاق من كثافته، ليحب الإنسان نفسه. هذا ما أعلم به أنا.
وما أدعو الناس إلى إثارة حب الذات بعاطفة المرضى والمحمومين، فإن رائحة السقام تنبعث من أنانية المريض والمحموم.
تعلموا الأنانية الصحيحة السليمة؛ لتتمكنوا من احتمال ذاتكم فلا تضلكم أنانيتكم. هذا هو تعليمي.
Unknown page