Hakadha Takallam Zaradusht
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Genres
لقد انقضى عهد قدماء الآلهة، فطوتهم الأحقاب وقد كان لهم الفناء بالمرح الإلهي الذي يليق بهم؛ لأنهم لم يمروا بالغسق ليتراموا إلى ظلمة الموت، وقد كذب من يدعي عكس ما أقول، فقدماء الآلهة انتحروا انتحارا وهم بضحكهم يختنقون، انتحروا عندما تلفظ أحدهم بآية الجحود الكبرى قائلا: أنا هو الرب إلهك لا يكن لك آلهة أخرى أمامي . فكأن هذا الإله قد أخذ بغضبه وغيرته في شيخوخته فذهل هذا الذهول حتى أضحك جميع الآلهة، فتمايلوا على عروشهم هاتفين: أفليس في هذا النهي اعتراف بأن هنالك ألوهية لعدة أرباب، وليس هنالك رب واحد.
من له آذان صاغية فليسمع.
1
هكذا تكلم زارا في مدينة «البقرة العديدة الألوان» التي يحبها، وكان لم يبق أمامه سوى مسافة يومين سيرا ليصل إلى مغارته ويلتقي نسره وأفعوانه، فامتلأت روحه مسرة وحبورا.
العودة
أنت وطني، أيتها العزلة، لقد طال اغترابي في بلاد المتوحشين فها أنذا أعود إليك أيها الوطن وعيناي تذرفان الدموع.
ارفعي شاهدك وهدديني، أيتها العزلة، تهديد الأم وانظري إلي مبتسمة بابتسامتها، وسليني عن حال من هرب منك إلى بعيد كأنه العاصفة الجامحة، من أفلت منك وهو يصيح: لقد طال انفرادي فنسيت الصمت، سليني هل تعلمت الصمت الآن وقولي لي: أي زارا، لم تخف عني منك خافية فقد كنت تشعر أنك وحيد بين الجميع؛ فيسودك من الوحشة ما لم تعرفه وأنت في أحضاني.
إن الفرق بين الوحدة والوحشة لبعيد، هذه هي الحكمة التي تعلمتها الآن، فأدركت أنك ستبقى أبدا الغريب المستوحش بين الناس، حتى ولو بذلوا حبهم لك؛ لأنهم يطمعون منك بمداراتهم قبل كل شيء.
إنك هنا تأوي إلى مسكنك فيمكنك أن تقول ما تريد، ففي العزلة لا يخجل الإنسان من خطرات سريرته المتصلبة.
كل شيء هنا ينقاد إلى بيانك متحببا طائعا؛ لأن الأشياء كلها تقصدك لتعتليك وتعلو أنت رموزها كمطايا تذهب بك مطلوقة العنان نحو الحقائق جميعها.
Unknown page