Hakadha Takallam Zaradusht

Filiks Faris d. 1358 AH
165

Hakadha Takallam Zaradusht

هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد

Genres

أمر بهذا الشعب مفتحا عيني منتبها إلى نفسي، فإن رجاله لا يغتفرون لي إغضائي عن فضائلهم، وترفعي عن حسدهم عليها.

إنهم يلحقون بي نابحين؛ إذ أقول لهم لا يليق بصغار الناس إلا صغيرات الفضائل. إنهم ينبحون إذ يقصر بي فهمي عن إدراك الفائدة من وجودهم في الحياة، وما أشبهني بديك غريب تثور الدجاجات عليه بمناقيرها، فلا أحقد عليها؛ لأنني تعودت على احتمال التافه من المزعجات، وما فوقت قط سهامي نحو أي صغير حقير فما ينتفش بريشه لأية حركة إلا القنافذ.

إن صغار الناس يتحدثون عني في سمرهم دون أن يفتكر أحدهم بي، فتذهب ضجتهم تحوك دثارا لتفكيري فأتمتع بنوع من السكون ما كنت أعرفه من قبل.

إن واحدهم يقول لرفيقه: ما له ولنا، إنه الغمامة الربداء وقد تحمل بأهدابها وباء كاسحا فلنحذرها.

وقد رأيت أمس امرأة تجتذب طفلها إليها لترده عن الاقتراب مني، شدت به وهي تصيح: أبعدوا الأولاد فإن هاتين العينين تحرقان روحهم الغضة.

إنهم يتكلفون السعال إذا ما تكلمت حاسبين أن سعالهم يقف بوجه العاصفات فيردها، وقد خشنت آذانهم فامتنع عليها أن تحس بنبرات السعادة في صوتي.

يقولون لا وقت نقفه على زارا، ولكن ما أهمية جيل لا يتسع وقته لزارا؟

وهب أن هؤلاء الناس جاءوا إلي لتمجيدي، فهل يسعني أن أستنيم إلى أمجادهم، وليس ثناؤهم علي إلا منطقة أشواك لو لمست حقوي لما تخلصت من آثارها حتى بعد طرحها عني.

لقد تعلمت بين هؤلاء الناس حقيقة أخرى، وهي أن من يسدي الثناء يتظاهر بإعادة ما بذل له، وهو لا يرمي في الواقع إلا إلى الاستزادة لنفسه من المديح والإطراء.

سلوا قدمي؛ هل غرهما مثل هذا التزلف؟ إن قدمي تمتنعان عن الأخذ بأي وزن مقيد حين يحلو لهما الرقص كما تشتهيان، إنهم يصورون فضائلهم الصغيرة بأروع بيان لاجتذابي إليها، كما ينقرون على دف سعادتهم الحقيرة استفزازا لرجلي إلى الرقص. وأنا أمر بهؤلاء الناس مفتحا عيني منتبها إلى نفسي؛ لأنهم صغروا ولا يزالون يتصاغرون وما أوردهم هذا الصغار إلا ما اتخذوه قاعدة لسعادتهم وفضيلتهم؛ لأنهم طلبوا الراحة في الفضيلة فحشدوها تواضعا، وهكذا تمرنوا على الإقدام كما يحلو لهم فمشوا متعارجين متماهلين، وأقاموا من زرافاتهم عقبة في سبيل من يقدمون على الإسراع في سيرهم.

Unknown page