Hakadha Takallam Zaradusht

Filiks Faris d. 1358 AH
158

Hakadha Takallam Zaradusht

هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد

Genres

أفما ترى الأشياء كلها متداخلة، وإن هذا «الحين» يجر وراءه كل ما سيكون، بل يجر نفسه أيضا؟

أفما يتحتم والحالة هذه على كل معزز بقوة السير أن يندفع مرة أخرى على هذا المسلك المتجه إلى ما فوق؟

انظر إلى هذه العنكبة التي تدب على مهل تحت شعاع القمر! انظر إلى شعاع القمر نفسه وإلى ذاتي وذاتك مجتمعتين تحت هذا الباب تتهامسان بأسرار الأبد! أفما تعتقد أنه لا بد أن نكون وقفنا جميعا من قبل في هذا المكان؟

أفليس علينا أن نعود لنندفع تكرارا على المسلك الآخر الذاهب أمامنا متصاعدا مستطيلا مروعا؟ أفما لزم علينا أن نعود تكرارا وأبدا؟

هكذا كنت أتكلم بصوت يتزايد انخفاضه، وقد أرعبتني أفكاري وما كمن وراء أفكاري، فإذا بي أسمع فجأة نباح كلب على مقربة منا.

خيل إلي أنني سمعت مثل هذا النباح من قبل، ورجعت بتذكاري إلى الماضي فإذا هو يسمعني هذا النباح في أبعد أيام طفولتي، ويمثل لي مثل هذا الكلب الذي أراه الآن وقد وقف شعره، ومد رقبته مرتجفا في أشد الليالي سكونا حيث يتراءى للكلاب أيضا أن في العالم أشباحا.

ونبه نباح الكلب إشفاقي؛ إذ تذكرت أنه عندما عوى منذ هنيهة كان القمر يطل من وراء البيت صامتا كالموت، ومنذ هنيهة كان هذا القمر يستقر فوق السطح كقرص ملتهب يراود ما ليس له، وذلك ما أثار غضب الكلب؛ لأن الكلاب تؤمن بالسارقين والأشباح.

عندما سمعت هذا النباح للمرة الثانية عاودني الإشفاق تكرارا.

أين توارى القزم الآن ومعه الباب والعنكبة وأحاديث المناجاة؟ أكنت في حلم فاستفقت، فأنا الآن وحيد بين جرداء الصخور لا سمير لي غير شعاع القمر المنفرد في السماء.

لكنني رأيت رجلا مسجى على الأرض، وكان الكلب يقفز وقد اقشعر جلده وهو يهدر هديرا، وإذ رآني قادما نحوه بدأ بالنباح فتساءلت عما إذا كنت سمعت من قبل كلبا ينبح بمثل هذا الصراخ المستغيث.

Unknown page