270

Kitāb al-ḥajj wa-l-ʿumra

كتاب الحج والعمرة

Genres

Law

فصل في الرد على منكر صحة الإيصاء

أنكر القاضي الشوكاني صحة الوصية بالحج فقال: لم يكن في هذا دليل يصلح للتمسك به... إلى آخر كلامه، ونقول:

أما أولا: فصريح القرآن والسنة ناطقان بثبوت الوصية على العموم والإطلاق، فما الذي منع الوصية بالحج وأخرجها من العموم؟

ثانيا: أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شبهه بالدين. وظاهر الأخبار أنه يصح بدون وصية، فبالأولى والأحرى بالوصية.

ثالثا: أنه ورد النص على الوصية بالحج بخصوصه. روى الإمام زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام أنه قال: (( من أوصى بحجة كانت ثلاث حجج عن الموصي وعن الموصى إليه وعن الحاج.)). وهذا له حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مقادير الأعمال. وقد روى الإمام أبو طالب والبيهقي بسندهما إلى جابر ما يشهد له.

وكم لهذا من نظاير، فقد صار الإنكار أقوى سلاحه في سيله الجرار، ولست بصدد المجاراة ولكن لقصد النصيحة والتحذير لذوي الأنظار. أما أرباب التعصب والتقليد الأعمى فلا ينفع فيهم التذكير ، والله نعم المولى ونعم النصير.

تنبيه: قيل: إن الإجارة إن كانت لسنة معينة فهو كالأجير الخاص، فيقبل قوله. وإن كانت غير معينة فعليه البينة، لأنه يشبه المشترك. وقرروا للمذهب أن البينة عليه في الوجهين لأنها إجارة على عمل. قال في الغيث: وهو الصحيح؛ انتهى. والله سبحانه وتعالى أعلم.

وإلى هنا يتوقف عنان القلم وسنفرد إن شاء الله تعالى للزيارة وما يتعلق بها مؤلفا مستقلا نستوفي فيه البحث من جميع النواحي، مع أن الزيارة لا مناسك فيها ولا واجبات ولا محظورات كالحج. وقد تم هذا بإعانة الله تعالى وتيسيره وتسديده. فقد اقتضى الحال الإسراع بما قد تحصل لتوارد الطلب بتنجيزه لقصد الانتفاع، وقد تيسر فيه بحمد الله تعالى ومنه وتوفيقه ما فيه كفاية للمستفيدين وبغية للمسترشدين وبلاغ لقوم عابدين. وقد كان العمل فيه على كثرة موانع وقواطع وشواغل وقلاقل.

Page 279