222

وإذا بعث بالهدي عين لنحره وقتا معلوما من أيام النحر في الحج، وأما العمرة فلا وقت له بلا خلاف، فإن لم يعين تعينت أيام النحر ولا يتحلل إلا بعدها. فلو عين غيرها؛ فإن كان قبلها لم يصح، وإن كان بعدها صح ولزم دم التأخير. وعند أبي حنيفة أن دم الإحصار لا يختص بزمان، بل يصح في أي وقت شاء. ولا يصح إلا في محله عند من يشترط المكان، وهم الجمهور لقوله تعالى: ? حتى يبلغ الهدي محله ?. وعند الشافعي أنه يصح أن ينحره في موضع إحصاره، وحمل الآية على الزمان، واحتج بنحره صلى الله عليه وآله وسلم دم إحصاره عام الحديبية، وظاهر السياق في الآية يدل على أن المراد المكان، ويدل عليه أيضا قوله تعالى: ? هديا بالغ الكعبة ?، وقوله تعالى: ? ثم محلها إلى البيت العتيق ?، وأما نحره صلى الله عليه وآله وسلم عام الحديبية فإنما هو للعذر. واختلفوا في المكان، فقال الإمام زيد بن علي والناصر عليهم السلام وأبو حنيفة: إنه كل الحرم اختيارا، وقال الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام: محله في إحصار الحج منى، وللمعتمر مكة اختيارا، وفي سائر الحرم اضطرارا، وهذا هو المذهب. ورجحه المقبلي في المنار وقال ما حاصله: (( قد بين المحل في الآية فعله صلى الله عليه وآله وسلم في الحج والعمرة في وقت الاختيار، وأما نحره صلى الله عليه وآله وسلم عام الحديبية فللعذر، وهذا وجه الجمع بين فعله في الحديبية وبين الآية الكريمة وبيانها، ويرجع بهما إلى الاختيار والاضطرار...))، أفاده في الروض. وقد روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم نحر عام الحديبية في طرف الحرم، وسيأتي الكلام في الدماء.

Page 229