209

وهذا واضح في الرفض، إذ معنى: "دعي" و"ارفضي" واحد، فقول المقبلي في المنار: (( هذا اللفظ ليس في شيء من روايات الحديث ولا معناه...))، غير صحيح. والعجب من القائلين بأنه صلى الله عليه وآله وسلم أمرها بإدخال الحج على العمرة وأنها صارت قارنة، مع قوله: (( ودعي العمرة. ))، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( هذه مكان عمرتك. ))، والخبر عندهم هذا صحيح. وأما استدلالهم على ذلك بما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لها:(( يسعك طوافك لحجك وعمرتك. ))، أخرجه أحمد ومسلم، فليس بصريح، والخبر السابق صريح في ترك العمرة، ومثله ما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لها بعد أن طافت وسعت: (( قد حللت من حجك وعمرتك... )) الخبر، فيحمل على أنها حلت من العمرة حين نوت رفضها. وعلى الجملة الأولى أصرح، وفي الأمالي بسند صحيح إلى الباقر عليه السلام: (( لما خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذي الحليفة أمر الناس أن يهلوا، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تهل مع الناس وتقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت. قال: وأهلت عائشة مع الناس، فلما قدمت أصابها الحيض، فأمرها أن تجعلها حجة، فلما كان حين الصدر دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع أنا بحجة، فأقام بالأبطح وأرسلها مع أخيها عبدالرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فلبت بعمرة...))، إلخ، وفي قوله: أن تجعلها حجة، وقولها: وأرجع بحجة، مع تقريره صلى الله عليه وآله وسلم لها، رد واضح على القائل بأنها صارت قارنة، إلا أنه يشكل على من أوجب عليها الدم عدم ذكره، وهو في مقام البيان، وكذلك القضاء حيث لم يكن إلا بمراجعتها، والله ولي التوفيق.

Page 216