5
وبسبب كتاب «نابغة المحتالين»، وما كتب عن حافظ نجيب في الصحف، وما اشتهر عنه من قصص النصب والاحتيال، والسجن والهروب ... إلخ، ذاعت شهرة حافظ نجيب، واستغلت فرقة أولاد عكاشة
6
هذه الشهرة، في ابتكار أسلوب جديد، لجذب الجمهور. وتمثل هذا الأسلوب في الاتفاق مع حافظ نجيب، بأن يقوم بإلقاء محاضرة قبل بداية التمثيل. وعن هذا الأمر قالت جريدة «الأفكار» في 3 / 2 / 1915، تحت عنوان «حافظ نجيب يلقي محاضرة في التربية بدار التمثيل العربي»: «لم يبق في مصر عالم أو جاهل، قارئ أو أمي، صغيرا أو كبيرا، رجل أو امرأة، إلا وقد سمع باسم «حافظ نجيب»، وملأت أذنيه نوادره إن صادقة وإن كاذبة. وود لو أن رأى ذلك الرجل، الذي تضاربت فيه الآراء واختلفت العقول، وهو أثناء ذلك كله، إما قابع في داره مشتغل بالتأليف والتعريف، وإما بين جدران السجون، يقضي ما حكم عليه به القضاء. ولقد شاء الله أن يحل ذلك اللغز، ويظهر ذلك المستخفي، ليعرف الناس حقيقته ناصعة، بعد أن شوهها خيال المتحرين. ففي الساعة التاسعة من مساء يوم السبت 6 فبراير، يمثل جوق عبد الله عكاشة رواية «بائعة الخبز» بدار التمثيل العربي، ويلقي حافظ نجيب محاضرة في التربية. وهناك يعرف الناس من هو حافظ نجيب. وتطلب تذاكر تلك الليلة من مكتبة المعارف بشارع الفجالة، وإدارة جريدة الشعب، وإدارة هذه الجريدة، وأجزاخانة المنسي بالسيدة زينب، ومن دار التمثيل العربى. ولا نظن أنا بحاجة إلى حث الجمهور على شهود تلك الليلة الزاهرة.»
لم تكتف فرقة أولاد عكاشة باستغلال حافظ نجيب، في إلقاء الخطب قبل التمثيل، بل أقنعته بعد شهرين فقط من الانضمام إليها كممثل ضمن أفراد فرقتها! بل ووصلت معه في الإقناع إلى درجة قيامه بتحويل روايته «الحب والحيلة» إلى مسرحية بالعنوان نفسه، وأن يقوم بتمثيل دوره الحقيقي فيها على خشبة المسرح! وعن هذا الأمر قالت جريدة «الأفكار» في 9 / 4 / 1915: «11 أبريل هو اليوم المشهود، الذي يمثل فيه على مسرح دار التمثيل العربى رواية «الحب والحيلة» لأول مرة. وهي قطعة تمثيلية ذات خمسة فصول، حوادثها واقعية وأبطالها أحياء يرزقون، يشغلون مراكز اجتماعية سامية. قطعة مملوءة بالحيل الغريبة، والحوادث الخطيرة، وفيها يظهر دهاء بطل الرواية، وصاحب وقائعها المزعجة حافظ نجيب. وسيمثل دوره بنفسه بعد ظهر يوم الأحد 11 أبريل في الساعة الخامسة. فرصة نادرة لم يسبق لها مثيل؛ لأن الذي مثل هذه الأدوار الخطيرة، على مسرح الكون الأعظم، سيعيد تمثيلها للعبرة والتفكه على مسرح التمثيل.»
7
ومن المؤكد أن هذه المسرحية لاقت نجاحا كبيرا، بدليل أنها مثلت أكثر من مرة، وفي أكثر من مكان، بعد عرضها الأول. فعلى سبيل المثال نجد فرقة عكاشة تمثلها في حفلات محددة، تخصص دخلها لحافظ نجيب! ومن هذه الحفلات، حفلة يوم 15 / 5 / 1915 بطنطا، وحفلة يوم 17 / 5 / 1915 بالمنصورة. وقد قام بتمثيلها أفراد فرقة عكاشة في هذا الوقت، وهم: أحمد حافظ، ماري إبراهيم، محمد بهجت، حافظ نجيب، علي مرتضى، عبد المجيد شكري، محمود حبيب، حسين حسني، أحمد ثابت، لبيبة، أحمد فهمي، فوزي الجزايرلي، محمد يوسف، صادق أحمد، فكتوريا، نهوه، صالح.
8
ومن الجدير بالذكر، أن مسرحية «الحب والحيلة» - كما جاءت في المخطوطة، وكما هي منشورة في هذا الكتاب - تعتبر فنيا أقل من رواية «الحب والحيلة» الأصلية. فعند تحويل الرواية إلى مسرحية، لم يلتزم حافظ نجيب بالأسس الفنية لكتابة المسرحية! فعلى سبيل المثال، لم يهتم بالإرشادات المسرحية، فكان الحوار ينتقل من شخص إلى آخر، بصورة فجائية دون وصف للموقف، أو شرح للمكان، أو تحليل للظروف النفسية والاجتماعية للشخصيات، وقت إلقاء الحوار. لدرجة أن جميع الإرشادات المسرحية الموجودة في النص المنشور - في هذا الكتاب - وضعتها بنفسي، بناء على قراءة الرواية الأصلية.
هذا بالإضافة إلى افتعال بعض المواقف، أو إلغائها لصعوبة تنفيذها على خشبة المسرح، فجاءت الأحداث ضعيفة بعض الشيء في بعض الفصول بمقارنتها بالأحداث نفسها، كما جاءت في الرواية الأصلية، والسبب في ذلك راجع إلى أن حافظ نجيب ليس من كتاب المسرح في هذا الوقت، وكان دخوله في مجال المسرح، دخولا متعجلا بسبب استغلال شهرته.
Unknown page