إحسان :
جئت لأمرين؛ الأول: أن أقف على شيء من أسرار قلب الفتى، والثاني: لأحمل إليه أول رسالة من رسائلي إليه.
أسما :
ويلاه مما يغري به طيش الصبا ونزق الشباب! هل تظنين يا ابنتي أنني أقرك على هذا التصرف المستهجن؟ أنا لا أجد غرابة في تطرق الحب إلى قلبك، فإنك كسائر المخلوقات، لك عواطف وشعور، ولا بد لك من الخضوع لناموس الطبيعة ... اليوم أو غدا، إنما الغرابة في كونك تقصدين إلى غرضك في الخفاء وعلى غير السبيل المشروع!
إحسان :
لو كان الذي أحببته يا أمي على مثال غيره من الشبان لمددت يدي إليه في جهر بعد العزم على الاقتران به، أما وهو في شذوذ مريب فإنه يعوقني عن خطب يده، وعن القطع باختياره زوجا لي، فربما أتحول عن عزمي وأرجع عن اختياره لنفسي!
أسما :
أنا في حيرة تضاعف غرابتي وارتباكي! فبينما أنت يدفعك الحب الجائر إلى جرأة الاقتحام والمجازفة، إذا بك تخافين العاقبة لريبة في نفسك من أطوار من علق به قلبك، فمن هذا الذي عبث بك كل هذا العبث!
إحسان :
هو الساحر بوداعته، الخلاب بعذوبته، الفنان بسكونه، المغرى بوجومه، هو ذلك الشاب الذي تتجاذبه كل فاتنات باريس، وترتمي عليه العقيلات كما ترتمي على النور الفراشات، آه يا أمي! أنا أعترف لك بكل صراحة؛ لأنني في خطر عظيم من الحب، فإذا وقع نظري على ذلك الشاب ينجذب إليه فؤادي كما ينجذب الحديد إلى المغناطيس، ويدفعني الهوى فأكاد أرتمي على صدره ... أبوح له بأمري ... أو أقع عند قدميه ... أتذلل له أن يرحمني لولا حزم ورثته عنك، يردني إلى ثبات الكبر وحياء العفة، ويعصمني عن التبذل والصغار!
Unknown page