كسفه للشمس، ليتم المقابلة، ويصير المعنى امتهنك بأن تفيض النور على الغير تارة وتسلبه عنه أخرى، ولو أريد المعنى الشامل للخسوف أو نفس الخسوف أيضا لم يكن فيه بعد، والله أعلم.
تمهيد:
لما كانت الشمس ملازمة لمنطقة البروج، وكانت أعظم من الأرض (1) كان المستنير بأشعتها أعظم من نصفها، والمظلم أقل كما عرفت سابقا، وحصل مخروط مؤلف من قطعتين، ترتسم إحداهما من الخطوط الشعاعية الواصلة بين الشمس وسطح الأرض، ويسمى مخروط النور والمخروط العظيم، والأخرى من ظل الأرض وتسمى مخروط الظل، والمخروط الصغير، ويحيط به طبقة يشوبها ضوء مع بياض يسير، ثم طبقة أخرى يشوبها مع ضوء يسير صفرة، ثم طبقة أخرى يشوبها يسير حمرة، وهذه الطبقات الثلاث تظهر للبصر في المشرق من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس بهذا الترتيب، وبعكسه بعد غروبها في المغرب، وقاعدة المخروط العظيم [22 /] على كرة الشمس منصفة بمنطقة البروج، وسهمه في سطحها، وينتهي رأسه في أفلاك الزهرة عند كون الشمس في الأوج، وفيما دونه فيما دونها، وقاعدة المخروط الصغير صغيرة على وجه الأرض، وهي الفصل المشترك بين المنير منها والمظلم، وهذان المخروطان يتحركان (2) على سطح الأرض كأنهما جبلان شامخان، يدوران حولها على التبادل، أحدهما أبيض ساطع، والأخر أسود حالك، عليه ملابس متلونة، ويتحرك الأبيض من المشرق إلى المغرب، وهو النهار لمن هو تحته، والأسود بالعكس وهو الليل لمن هو تحته، فتبارك الله أحسن الخالقين.
Page 115