وكان أبو لهب يقفو أثر النّبيّ ﷺ، فكلّما أتى قوما ودعاهم إلى الله كذّبه عمّه وحذّرهم منه.
وفي الوليد بن المغيرة أنزل الله تعالى: كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيدًا. سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا. إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ. فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ نَظَرَ. ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ. ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ. فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ. إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ. سَأُصْلِيهِ سَقَرَ [سورة المدّثر ٧٤/ ١٦- ٢٦] «١» .
[ابتداء أمر الأنصار]
ولمّا أراد الله تعالى كرامة الأنصار، وإعزاز دينه بهم، لقي النّبيّ ﷺ في ذلك الموسم ستّة نفر منهم، فعرض عليهم ما عرض على غيرهم، فقالوا فيما بينهم: والله إنّه للنّبيّ الّذي تواعدنا به اليهود، فلا يسبقونا إليه «٢» .
وكان اليهود يقولون لهم: قد أظلّ «٣» زمان نبيّ سوف نتّبعه، ونقتلكم معه، قال الله تعالى: وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ- أي: يستنصرون- عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ [سورة البقرة ٢/ ٨٩] .
وكانوا قد وضعت عليهم تكاليف شاقّة، وحرّمت/ عليهم طيّبات أحلّت لهم من قبل، فوعدوا بوضع التّكاليف وحلّ الطّيّبات على لسان محمّد ﷺ، وهو معنى قوله ﷾:
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي