Guidance and Caution for Hunting Enthusiasts
توجيه وتنبيه إلى هواة الصيد ومحبيه
Publisher
دار المتعلم للنشر والوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٤هـ/ ٢٠٠٣م
Genres
توجيه وتنبيه الى هواة الصيد
تأليف: عبد الله بن محمد بن احمد الطيار
المقدمة
الحمد لله الذي كرمنا بأنواع الكرامات ومنَ علينا بما في البر والبحر من طيب المأكولات وسخر لنا ما في الكون من عجائب المخلوقات ومن تمام لطفه بعباده أن أباح لهم الصيد بنوعيه الجوارح والآلات فله الحمد والشكر على سائر الإنعام. وأشهد أن لا إله إلا الله أحب الكلام إلى رب الأرض والسموات كيف لا وهي تطيش بها الصحف يوم أن تسكب العبرات وتظهر مساوئ السيئات. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله الله بالهدى والآيات والبينات لإرشاد عباده إلى سبل النجاه فمن تمسك بهديه وسار على نهجه أفلح ورب الأرض والسموات ومن تخلف عن هديه وسار على غير نهجه ضل وسار في الظلمات وعلى آله وصحبه الطيبين الذين نالوا الدرجات.
وبعد:
إن من عظيم نعم الله تعالى على عباده أن أنعم عليهم بإباحة ما فيه مصالحهم الدنيوية رحمة بهم وشفقة عليهم ومن أعظم هذه النعم أن أباح لهم الاصطياد.
1 / 1
ولما كان الصيد في شريعتنا له مكانته العظيمة جعل الله ﷾ أحكامه الخاصة به، ولذا قام فقهاؤنا فجعلوا له كتابا أو بابا يسمى باسمه فيقال كتاب الصيد أو باب الصيد وذلك لأهميته ووجوب الاعتناء بأحكامه المتعلقة به.
ونظرًا لأهميته ولطلب بعض الأخوة مني بحثًا في بعض المسائل التي تعرض لهم أثناء اصطيادهم قمت بتأليف هذه الرسالة.
وأحب أن أنبه هنا بأن هذه الرسالة كانت بداية فكرتها أن استضافني مجموعة من هواة الصيد في إحدى جلساتهم على مائدة صيدهم وقد طرح أثناء هذا اللقاء مجموعة من الأسئلة حول الصيد وتمت الإجابة عليها ثم طلب أحد الحاضرين الإجابة على هذه الأسئلة مكتوبة أو مسجلة لتعم الفائدة فطلبت منه تدوين الأسئلة وأخذ يتابع الإجابة كلما قابلني وقد يسر الله ذلك في هذه الرسالة الصغيرة.
وقد جعلت هذه الرسالة في ثمانية مباحث:
المبحث الأول: في قواعد أولية لا بد من ذكرها قبل الشروع في الرسالة.
المبحث الثاني: تعريف الصيد وحكمه.
1 / 2
المبحث الثالث: في ذكر الأحكام المتعلقة بالصائد مع ذكر المسائل في ذلك.
المبحث الرابع: في ذكر الأحكام المتعلقة بالمصيد مع ذكر المسائل في ذلك.
المبحث الحامس: في آداب الصيد.
المبحث السادس: فيما يتعلق بالضب.
المبحث السابع: في الصيد بالجارحة.
المبحث الثامن: في ذكر مسائل هامة تتعلق بالصيد.
وقد بذلت جهدي في كل ذلك رجاء النفع بها والله أسأل أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل إنه سميع قريب.
وكتبه أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
الزلفي ص ب ١٨٨ الرمز البريدي ١١٩٣٢
1 / 3
المبحث الأول: قواعد أولية لا بد من ذكرها قبل الشروع في الرسالة:
قواعد هامة في أحكام الذبائح والصيد:
القاعدة الأولى: الأصل في ميتة الحيوان مأكول اللحم ما عدا السمك والجراد الحرمة إلا المذكى منها.
دليلها: قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ ١.
وجه الدلالة من الآية: أن الميتة من الحيوان محرم أكلها إلا ما ذكي منها. أما دليل استثناء السمك والجراد قوله ﷺ:" في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته" ٢.
ودليل ميتة الجراد: قوله ﷺ: " أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال" ٣.
_________
١ سورة المائدة آية (٣) .
٢ رواه أحمد (٣/٣٧٣) وابن ماجة (١٠/١٣٧) وأبو داود (١/٩)،وانظر تصحيح الألباني له في الإرواء (١/٤٢) .
٣ صحيح ابن ماجة (١/٢١٦) ومشكاة المصابيح (٤١٣٢) .
1 / 4
القاعدة الثانية: الأصل فيما ذكى من الحيوان مأكول اللحم من المسلم والكتابي أنه حلال أكله ما لم يعلم ما يقتضي التحريم.
دليلها: قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ ١ والمخاطب في هذه الآية المسلمون فمتى ذكى المسلم ذبيحته فهي حلال. أما دليل أهل الكتاب في حل ذبائحهم فهو قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾ ٢.
فقد بينت الآية حل طعام أهل الكتاب لنا والمراد بطعامهم هنا هو ذبائحهم كما فسره جمع من الصحابة وإجماع العلماء على حل ذبائحهم.
القاعدة الثالثة: أن من ذبح لغير الله أو لم يذكر اسم الله على ذبيحته متعمدا لا تؤكل ذبيحته وإن كانت من مسلم أو كتابي.
دليلها: قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ﴾ ٣
_________
١ سورة المائدة آية (٣) .
٢ سورة المائدة آية (٥) .
1 / 5
وقوله تعالى: ﴿... وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ﴾ ١
فمن قال: باسم المسيح أوعزير أوغيره أو قال هذه للبدوي أو للحسيني أو لصاحب القبر الفلاني ثم قام بذبحها عند قبره ونحوه ولم يذكر اسم الله متعمدًا لعدم الذكر وهذا معروف لدى السحرة الذين يأمرون من يذهب إليهم بذبح ما طلب منهم ويشترطون عليهم عدم ذكر الله عليه فهذا كله مما لا تحل ذبائحهم.
أما الناسي للتسمية كما سنوضحه إن شاء الله فهو محل خلاف بين أهل العلم والصحيح عندي أنها تحل لقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ...﴾ ٢ الآية قال قد فعلت.
ولقوله ﷺ: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.. ".
أما الناسي من أهل الكتاب لذكر التسمية على ذبيحته هل يأخذ نفس الحكم؟ بمعنى آخر هل تحل ذبيحته؟.
_________
١ سورة المائدة آية ٣
٢ سورة البقرة آية ٢٧٦
1 / 6
الصحيح أنها لا تحل لأن العفو عن النسيان خاص بهذه الأمة دون غيرها فالأمم السابقة كانت تؤاخذ على النسيان.
القاعدة الرابعة: إذا جهل حال الذابح هل هو ممن تحل ذبيحته أم لا؟ أو جهل حل المذبوح هل ذبح على الطريقة الشرعية أم لا؟.
نقول: إن القواعد العامة جاءت باجتناب المشكوك فيه بعدم الأكل منه احتياطًا ومن هذه القواعد.
١. إذا اشتبه مباح ومحرم حرم أحدهما بالأصالة والآخر بعارض التحريم.
٢. إذا اجتمع مبيح وحاضر قدم الحاضر لأنه الأحوط وأبعد من الشبهة وإبراء للذمة.
دليلها: قوله ﷺ:" دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".
والمعنى اترك ما تشك فيه وخذ ما لا تشك فيه وقوله ﷺ: " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام".
فحاصل هذه القاعدة أنه متى شككت وجهلت أمر المذبوح هل هو مذبوح على الطريقة الشرعية أم لا؟ أو جهلت حال الذابح هل
1 / 7
هو ممن تحل ذبيحته أم لا؟ وهل هذه الذبيحة قادمة من أهل الكتاب فالأحوط عدم الأكل منها.
ولكي تتضح رؤية هذه القواعد ذكرنا بعد هذه القواعد مسألتين مهمتين تتعلقان بهذه القواعد.
المسألة الأولي: في حكم اللحوم المستوردة.
المسألة الثانية: في حكم صيد الكتابي.
المسألة الأولى: فى حكم اللحوم المستوردة:
عند رحوعنا للقواعد المذكورة في المسألة يمكننا أن نلخص أحكام الذبائح المستوردة في الآتي:
أولًا: لحوم مستوردة من بلاد إسلامية فهي حلال بالاتفاق.
ثانيًا: لحوم مستوردة من بلاد غير إسلامية أهلها غير أهل الكتاب فهي حرام بالاتفاق.
ثالثًا: لحوم مستوردة من بلا د غير إسلامية أهلها أهل كتاب وعلم أنهم يذبحون على الطريقة الشرعية من تسمية على المذبوح وقطع للحلقوم والمريء والودجين فهنا تحل بالاتفاق.
1 / 8
رابعًا: لحوم مستوردة من بلاد غير اسلامية وأهلها أهل كتاب غير أنهم يذبحون بطريقة غير شرعية أي غيرمستوفية لما ذكرنا في ثالثًا فهنا لا يجوز أكلها ولا استيرادها ولا شراؤها وكذا لا يحل ثمنها وذلك استدلالًا بالقواعد التي ذكرناها سابقًا لأنها هنا إما أن تكون منخنقة أو موقوذة أو متردية وغيرها مما لم يحله الله لنا.
خامسًا: لحوم مستوردة من بلاد غير إسلامية وأهلها أهل كتاب ويجهل طريقة ذبحهم أو يجهل عقيدة أو ديانة الذابح لها فهذا القسم محل خلاف بين العلماء والمعاصرين فمنهم من قال إنها حلال لقوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾ فأحل لنا طعامهم ولم يأمرنا بالبحث عن طريقة الذبح أو حال الذابح ما دامت أنها جاءت من عندهم وعملًا بالأصل أيضا وهو حل ذبائح أهل الكتاب عمومًا وهذا هو الصحيح.
القول الثاني: أن هذا القسم من ذبائح أهل الكتاب المجهول حال طريقة ذبحهم أو المجهول حال من قام بالذبح منهم حرام كما ذكرنا ذلك في القاعدة الرابعة عملًا بالرجوع إلى الأصل عند جهل
1 / 9
حال المذبوح والذابح وهو أنها ميتة.
والقول الأول أرجح ولا سيما أن كثيرا من الذين سافروا إلى تلك البلاد ثبت لهم أن الذبح شرعي وقد ثبت ذلك لجهة الإفتاء في بلادنا في وقت سابق.
لكن إن تركها ولم يأكل منها عملًا بالأحوط والأبرأ له جاز له ذلك.
المسألة الثانية: هل يحل صيد الكتابي؟.
جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة والمالكية والحنفية يرون حل صيد الكتابي ونقل هذا عن عطاء والليث والثوري والأوزاعي وحجتهم في ذلك أن الإرسال والرمي بمنزلة الذبح والذمي من أهل الكتاب من أهل الذبح والطعام في قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾ المقصود به في الآية الذبائح سواء كانت عن طريق التذكية أو الذبح أو النحر أو كانت بالصيد.
لكن هذا مقيد بما ذكرناه في القاعدة الثانية من القواعد الهامة في الذبائح والصيد في المبحث الأول وقلنا فيها أن ذبيحة المسلم أو الكتابي حلال ما لم يعلم مقتضى التحريم من شرك أكبر أو ردة أو نحوه.
1 / 10
المبحث الثاني: في تعريف الصيد وحكمه
تعريفه في اللغة: الصيد مصدر تارة يراد به الفعل وتارة يراد به المفعول ومراد الفعل يكون الاصطياد فعله أن يقول القائل سأصيد صيدا.
ومراد المفعول أي المصادر كقوله تعالى ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ﴾ أي مصيده.
أما تعريفه في الشرع: فقد اختلفت فيه أقوال أهل العلم والمختار عندي قول الحنابلة في تعريفه حيث قالوا: "الصيد هو اقتناص حيوان حلال متوحش طبعًا غير مملوك ولا مقدور عليه".
فقولهم: (اقتناص) المراد به الاصطياد وخرج بهذا القيد الذكاة لأنها ليست مقتنصة وقولهم: (حيوان حلال) خرج به الغير حلال أي الذي لا يجوز أكله فلو صاده فليس بصيد وقولهم: (متوحش) خرج به الغير متوحش غير أنه قيده هنا بقوله: (طبعًا) .
إلا ما ندَّ من الأهلي فحكمه حكم الصيد وقولهم: (غير مملوك) خرج به المملوك فإن كان مملوكًا لا يحل له صيده
1 / 11
وقولهم: (ولا مقدور عليه) خرج به المقدور عليه فإن كان يقدر عليه فلا يعد صيدًا.
حكم الصيد: الصيد يدور حكمه بين الجواز والكراهة والتحريم. فالجائز منه ما كان لحاجة كالأكل أونحوه فهذا مما أحله الله سبحانه ورسوله وأجمع عليه المسلمون.
أما المكروه فهو ماكان لغير حاجة ولا يبالي بصيده. فهذا يدور بين الكراهية والتحريم وإن كان القول بتحريمه أولى من القول بكراهيته لأنه عبث بمخلوقات الله تعالى وأذية لها بدون حاجة.
أما المحرم فهو ماكان فيه أذية كأن يلتزم نزول مزارعهم وإفساد أموالهم فهذا لا شك في أنه محرم.
1 / 12
المبحث الثالث: ذكر بعض الأحكام المتعلقة بالصائد
ذكر أهل العلم مجموعة من الشروط التي يجب توافرها في الصائد منها:
١. الأهلية: ومعناها كون الصائد من أهل الذكاة والمراد به المسلم العاقل والكتابي العاقل وكذا المميز وما عداهما كالمجنون وغير الكتابي لا يجوز صيده ولا أكل صيده.
٢. القصد: ونعني بها كون الصائد قاصدا للصيد فلو أن رجلا صوب سهمه نحو هدف ما وأثناء سير السهم مر بطير من غير الصيد كدجاجة فقتله فإنها لا تحل لعدم القصد.
٣. الآلة: والمراد بها ما يستخدم في الاصطياد وهي نوعان:-
الأولى: آلة محددة. الثانية: آلة جارحة.
فالآلة المحددة المراد بها ما يصاد به كالسهم والرمح والسيف وغيره ويشترط فيه ما يشترط في آلة الذبح أى ليس سنا ولا ظفرًالعموم قوله ﷺ "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا" ١.
_________
١ رواه البخاري (في كتاب الصيد باب ما أصاب في المعراض) جـ ٧/٧٥.
1 / 13
ويشترط أيضًا أن تجرح فإن لم تجرح فهنا يحرم الذبح أو الصيد بها.
وهنا ذكر بعض المسائل في الآلة المحددة.
المسألة الاولى: حكم الصيد بالآلة المسروقة:
اختلف أهل العلم في هذه المسألة والصحيح إن شاء الله أن ماصيد بمسروق حلال مع الإثم أي إثم السارق أو الغاصب.
المسألة الثانية: حكم الصيد بالبندق:
البندق في كلام الفقهاء الحنابلة كصاحب زاد المستقنع حين قال (كالبندق والعصا والشبكة) المراد الطين اليابس والغالب أنه من الخزف وحجمه كالحمصة أو أكبر فهذا لا يكون آلة صيد ومثاله ما نراه في أيدي أطفالنا ما يسمى (بالنباطة) فهذا لا يجوز الاصطياد به لقوله ﷺ حينما سئل عن الصيد بالخذف (وهي الحصاة والنواة) فقال ﷺ: "إنها لا تصيد صيدًا ولا تنكأ عدوًا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين" ١.
أما البندق الذي يستعمل بالرصاص المعروفة لدينا فالصحيح جواز الاصطياد بها بخلاف من قال بعدم الجواز.
_________
١ رواه مسلم (٦/٧٢) كتاب الصيد والذبائح.
1 / 14
المسألة الثالثة: في حكم الاصطياد بالشبكة:
أما الشبكة والفخ فلا يحل الاصطياد بهما لأنهما يقتلان المصيد لكن إذا أمسكت الشبكة أو الفخ المصيد ثم قام الصائدبأخذ المصيد فذبحه بعد الإمساك به فهذا جائز أما استقلال الشبكة أو الفخ بالقتل فهذا لا يحل.
المسألة الرابعة: في حكم الاصطياد بالعصا:
في هذه المسألة تفصيل:
إن أرسل عصاه فأصاب طيرًا فقتله فلا يحل أما إن أصابه في شيئ من بدنه فلم يقتل فقام فذبحه فهذا يحل.
النوع الثاني: من الآلة آله جارحة:
الجارحة نوعان: جارحة تعدو وجارحة تطير.
فالتي تعدو كالكلب والتي تطير كالصقر. أما الكلب فقد جاءت نصوص الشريعة بثبوت حل صيده. وسأجعل لذلك مبحثًا إن شاء الله يتناول أحكام الصيد بالجارحة.
ومن الأحكام المتعلقة بالصائد:
إرسال الآلة: ومعناه أن يرسل الصائد آلة الصيد قاصدًا بذلك الصيد والآلة هنا بنوعيها سواء كانت محددة أو
1 / 15
٤. جارحة فإن كان ممسكًا بها فانطلق منها سهم مثلًا غير قاصدٍ للصيد فأصاب طيرا من غير الصيد كدجاج بدون قصد الإرسال فإنها لا تحل فلا بد من قصد الإرسال، ولكن نضيف هنا أيضا أنه إن كان ممن يصيد بالجارحة أي بالكلب أو الصقر فهل يحل له صيده إن لم يرسله قاصدًا؟ الصحيح أنه لا يحل له ذلك فلا بد من قصد الإرسال لقوله ﷺ: "إذا أرسلت الكلب.. " ١ فعلق الحكم بالإرسال.
٥. التسمية:
التسمية عند إرسال الآلة بنوعيها وفيها مسائل.
المسألة الأولى: في حكمها:
اختلف أهل العلم في حكم التسمية عند الصيد والصحيح وجوبها بخلاف من قال بغير ذلك، لأمره ﷾ بقوله: ﴿فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ﴾ ولنهيه عن الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه بقوله: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ﴾ .
_________
١ رواه أحمد (٣/٣٣٣) .
1 / 16
ومن السنة قوله ﷺ " إذا أرسلت سهمك وذكرت اسم الله عليه فكل ".
المسألة الثانية: متى يسمي؟ .
الصحيح أنه يسمي عند إرسال السهم لا عند التعبئة فهناك من يخطئ في ذلك ويقول إنني سميت عند التعبئة وهذا غير صحيح لقوله ﷺ " إذا أرسلت سهمك وذكرت اسم الله عليه ... " والواو تقتضي الاشتراك والاجتماع في الزمن.
المسألة الثالثة: في حكم من نسي التسمية عند الإرسال.
اختلف أهل العلم في ذلك والصحيح أن التسمية تسقط سهوًا وجهلًا لكن نجعل هنا شيئا من التفصيل في حق الصائد وهو أنه إذا شك هل سمى أم لا؟ يعني أنه بعد ما صاد شك فهنا إن كان ممن هو كثير الشكوك فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك ويكون صيده حلالًا.
أما إن كان ممن لا يشك كثيرًا فهنا ننظر إلى حاله. فإن كان ممن يحافظ على التسمية أي معتادًا لذلك فهنا لا يلتفت إلى الشك وإن كان ممن لا يبالي بذلك بل يتعمد أحيانًا يسمي وأحيانا لا يسمي فهنا الأولى ألا يأكل منها بخلاف كثير الشكوك.
1 / 17
المسألة الرابعة: فيمن ترك التسمية عند الإرسال ثم سمى بعده:
ذكرنا فيما سبق أن التسمية تكون عند الإرسال لا قبله أي لا تكون عند التعبئة أما كونه لم يسم إلا بعد الإرسال فالصحيح عدم الحل أرأيت لو أنه ذبح فلما فرغ من الذبح سمى هل تحل ذبيحته؟ الصحيح لا هكذا الصيد هذا إن تركها قاصدًاأما نسيانًا فالصحيح كما ذكرنا أنها تحل.
المسألة الخامسة: هل يشترط التسمية عند نصب الحديدة ونحو ذلك؟.
نعم يشترط ذلك لأننا قلنا سابقًا لابد من إرادة القصد فما دام أنه قاصدٌ الصيد فإنه يشترط لذلك التسمية.
المسألة السادسة: إذا سمى على طائر معين فأصاب غيره:
اختلف أهل العلم في هذه المسألة وأصح الأقوال فيها الحل ما دام أنه عين صيدًا عند الإرسال أما كونه لم يعين صيدًا فأرسل سهمًا فأصاب بغير تعيين فهذا كما ذكرناه سابقًا.
وخلاصة القول في هذه المسألة الحل.
المسألة السابعة: إذا صاد الصائد المجموعة من الطيور فخلطها ثم تذكر أنه لم يأت بالتسمية على بعض منها فما الحكم؟.
1 / 18
في هذه المسألة عليه أن يتحرى فما غلب على ظنه أنه لم يسم عليه متعمدًا تركه وقام بتنحيته والباقي هو حلال له.
المسألة الثامنة: حكم إضافة الله أكبر بعد التسمية: أي يعني قول الذابح (بسم الله: الله أكبر)؟
الصحيح أنه يسن ذلك فالواجب التسمية وزيادة ذلك مستحب.
المسألة التاسعة: إذا وجد طيرأ مجروحًا فهل يأخذه وهو لم يسم عليه؟.
إذا وجد طيرًا مجروحًا وهو لم يسم عليه فهنا له حالتان:
أن يكون الطير به رمق فإنه يذكيه.
أما إن لم يكن به رمق فمات بجرحه وهو متيقن من عدم التسمية فهنا لا يجوز أخذه.
ومن الأحكام الأخرى المتعلقة بالصائد:
٦. أن يكون الصائد مأذونًا له بالصيد:
ومعنى هذا الشرط أن لا يكون مُحرِمًا ولا يكون في حَرَمٍ فإن صاد بالحرم أو صاده وهو مُحرِم فلا يحل لقوله تعالي: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
1 / 19
آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ﴾ ١ والمقصود بالصيد هنا صيد البر لقوله تعالى ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ ٢.
وهاتان الآيتان في حق الصائد.
أما في حق المصيد والنهي عن صيده في الحرم فقوله ﷺ في تحريم مكة: "... لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها " ٣ فإذا كان النهي واردًا في تنفيرها فقتلها من باب أولى وكذا الآيات السابقة تدل دلالة واضحة على النهي عن صيدها
_________
١ سورة المائدة آية (٩٥) .
٢ سورة المائدة آية (٩٦) .
٣ رواه البخاري (٣/١٣) كتاب المحصر باب لا ينفر صيد مكة.
1 / 20