173

Grant of the All-Knowing in Explaining the Attainment of the Objective

منحة العلام في شرح بلوغ المرام

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ

Genres

قوله: (إلا أن تكون صائمًا) أي: فلا تبالغ، خشية أن ينزل شيء من الماء إلى حلقه فَيُفَطِّرُهُ. الوجه الرابع: الحديث دليل على الأمر بإسباغ الوضوء، وهل هذا واجب أو مستحب؟ الإسباغ نوعان: ١ - إسباغ واجب، وهو ما لا يتم الوضوء إلا به، ويراد به غسل المحل واستيعابه. ٢ - إسباغ مستحب، وهو ما يتم الوضوء بدونه، ويراد به ما زاد على الواجب من الغسلة الثانية والثالثة، فهذا مندوب إليه، والصارف من حمل الأمر في الحديث على الوجوب قوله تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [المائدة: ٦] وهذا أمر بالغسل، وهو مطلق، فيصدق على من أسبغ بالغسلة الثانية والثالثة، ومن اقتصر على غسلة واحدة. وعلى هذا فالأمر في الحديث مشترك بين الوجوب والاستحباب، وهو مبني على جواز استعمال المشترك في معنييه. ومن منع استعمال المشترك في معنييه، قال: إن المراد بالحديث المعنى الثاني، وهو ما زاد على الغسلة الواجبة، لما ورد في حديث أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات»، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط» (^١). ووجه الدلالة: أن الرسول ﷺ أثنى على من أسبغ الوضوء، وبَيَّنَ فضله، وهذا لا يكون إلا بالزيادة على قدر الإجزاء. الوجه الخامس: الحديث يدل بظاهره على وجوب تخليل الأصابع،

(^١) أخرجه مسلم (٢٥١).

1 / 177