Good Character in the Light of the Qur'an and Sunnah
الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة
Publisher
مطبعة سفير
Publisher Location
الرياض
Genres
وقيل: لا حليم كاملًا إلا من وقع في زلة وحصل منه الخطأ والتخجل فعفي عنه فعرف به رتبة العفو فيحلم عند عثرة غيره؛ لأنه عند ذلك يصير ثابت القدم، ولا حكيم كاملًا إلا من جرب الأمور، وعلم المصالح والمفاسد؛ فإنه لا يفعل فعلًا إلا عن حكمة، إذ الحكمة إحكام الشيء وإصلاحه عن الخلل (١).
والحكيم هو المتيقظ المتنبه، أو المتقن للحكمة الحافظ لها (٢).
والحكمة من أثمن نتائج التمييز والتفكير، وهي زبدة العلم والاختبار، فالعلم يخطط الأسس النظرية، ثم يكتمل ويصقل بالخبرة العملية المبنيَّة على المران والتجارب؛ ولهذا كان العلماء الأحداث بسبب قلة تجاربهم أنقص حكمة، وأقل رسوخًا في العلم من كبار العلماء الراسخين في العلم (٣).
وبهذا يعلم أن الداعية إلى اللَّه إذا خالط الناس، وعرف عاداتهم وتقاليدهم، وأخلاقهم الاجتماعية، ومواطن الضعف والقوة، سيركز على ما ينفع الناس، ويضع الأشياء في مواضعها؛ لأنه قد جرّبهم، فالتجارب تنمّي المواهب والقدرات، وتزيد البصير بصرًا، والحليم حلمًا، وتجعل العاقل حكيمًا، وقد تشجِّع الجبان، وتسخِّي البخيل، وقد تُليِّن قلب القاسي، وتقوِّي قلب الضعيف، ومن زادته التجارب عمىً إلى عماه فهو من الحمقى الذين لا يفقهون (٤).
وأعظم الناس تجربة، وأكملهم حكمةً: الأنبياء، عليهم الصلاة
_________
(١) انظر: فتح الباري، ١٠/ ٥٣٠، وتحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، ٦/ ١٨٢.
(٢) انظر: فيض القدير شرح الجامع الصغير، ٦/ ٤٢٤.
(٣) انظر: الدعائم الخلقية للقوانين الشرعية، للدكتور/ صبحي محمصاني، ص١٤٠.
(٤) انظر: هكذا علمتني الحياة، القسم الأول: للدكتور مصطفى السباعي، ص٤٧.
1 / 85