فقال: يكون الخير إن شاء الله ولأسعين فيه جهدي. ثم جعل يستنيبه ويرشحه لما هو أهله. فقال له بعض أصدقائه: أراك تقدم هذا الرجل وتعينه على نفسك. فضحك ابن مضاء وقال: الرأي ما ظننته، أنه غير رأي، هذا الرجل لاحت لي فيه بوارق السعادة ولا بد أن يتقدم رضيت أم سخطت، والأولى أن أظهر أن تقديمه بترشيحي وسعي له، فان وفى اشتركنا في حمد الناس، وان لم يف انفرد باللائمة.
ثم إن ابن مضاء مرض في سفرة المنصور إلى إفريقيه سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، فاشتغل ابن مروان بالحكم بين الناس، فظهر منه من حسن الخلق والسياسة ما اشتهر به اسمه ونسي معه ابن مضاء، فما استقل ابن مضاء من مرضه إلا وقد حاك في قلب المنصور أن يجعله قاضي الجماعة فكان ذلك، وصار ابن مضاء إذا رآه والناس مقبلون عليه أنشد:
وما يستوي الثوبان به البلي ... وثوبٌ بأيدي البائعين جديد
ولم يزل أبو عبد الله قاضيًا للمنصور إلى أن كانت سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، فوقع بينه وبين أبي القاسم بن بقى كلام أظهر فيه ابن مروان الاقتدار عليه، فأنشد ابن بقي:
1 / 32