211

Ghunya

الغنية لطالبي طريق الحق

Investigator

أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

عبد عبادة. وقال آخرون: هو من الإله، وهو الاعتماد، يقال: ألهت إلى فلان إلهًا: أي فزعت إليه واعتمدت عليه. ومعناه: أن الخلق يفزعون ويتضرعون إليه في الحوادث والحوائج، فهو يألههم: أي يجبرهم، فسمى إلهًا -كما يقال: إمام للذي يؤتم به- فالعباد يؤلهون إليه: أي مضطرون إليه في المنافع والمضار، كالواله المضطر المغلوب. وقال أبو عمرو بن العلاء: هو من ألهت في الشيء: إذا تحيرت فيه فلم تهتد إليه. ومعناه: أن العقول تتحير في كنه صنعته وعظمته والإحاطة بكيفيته، فهو إله كما يقال: للمكتوب كتاب، وللمحسوب حساب، وقال المبرد: هو من قول العرب: ألهت إلا فلان: أي سكنت إليه، فكان الخلق يسكنون ويطمئنون بذكره. قال الله ﷿: ﴿ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾ [الرعد: ٢٨]. وقيل: أصله من الوله، وهو ذهاب العقل لفقدان من يعز عليه، فكأنه سمي بذلك لأن القلوب توله بمحبته وتطرب وتشتاق عند ذكره. وقيل: معناه المحتجب لأن العرب إذا عرفت شيئًا ثم حجب عن أبصارها سمته لاهًا، يقال: لاهت العروس تلوه لوهًا: إذا احتجبت، فالله تعالى هو الظاهر بالربوبية بالدلائل والأعلام، والمحتجب من جهة الكيفية عن الأوهام. وقيل: معناه المتعالي، يقال لاه: أي ارتفع، ومنه قيل للشمس إلاهة. وقيل: معناه القدرة على الاختراع، وقيل: معناه السيد. ﴿الرحمن الرحيم﴾ قد قال قوم: هما بمعنى واحد، وهو ذو الرحمة، وهما من صفات الذات. وقيل: هما بمعنى ترك عقوبة من يستحق العقوبة، وإسداء الخير إلى من لا يستحقه، وهما من صفات الفعل. وفرق الآخرون بينهما فقالوا: الرحمن: للمبالغة، فمعناه: الذي وسعت رحمته كل شيء، والرحيم دون ذلك في الرتبة. وقال بعضهم: الرحمن: العاطف على جميع خلقه مؤمنهم وكافرهم وبرهم وفاجرهم بأن خلقهم ورزقهم، قال الله تعالى: ﴿ورحمتي وسعت كل شيء﴾ [الأعراف: ١٥٦]،

1 / 223