(فصل) ونعتقد أن القرآن حروف مفهومة وأصوات مسموعة.
لأن بها يصير الأخرس والساكت متكلمًا وناطقًا، وكلام الله ﷿ لا ينفك عن ذلك، فمن جحد ذلك الكتاب فقد كابر حسه، وعميت بصيرته، قال الله ﷿: ﴿ألم * ذلك الكتاب﴾ [البقرة: ١ - ٢]، ﴿حم﴾، ﴿طسم * تلك آيات الكتاب﴾ [القصص: ١ - ٢]، فقد ذكر حروفًا وكنى عنها بالكتاب، وقال تعالى: ﴿ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله﴾ [لقمان: ٢٧].
فأثبت لنفسه كلمات متعددة غير متناهية الأعداد، وكذلك قوله: ﴿قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله ممددًا﴾ [الكهف: ١٠٩].
وقال النبي- ﷺ: «إقرؤوا القرآن فإنكم تؤجرون عليه بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول: ﴿الم﴾ حرف، ولكن الألف عشر، واللام عشر، والميم عشر، فذلك ثلاثون﴾.
وقال النبي- ﷺ: «أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف».
وقال تعالى في حق موسى ﵇: ﴿وإذ نادى ربك موسى﴾ [الشعراء: ١٠]، ﴿وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيًا﴾ [مريم: ٥٢].
وقال تعالى لموسى ﵇: ﴿إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني﴾ [طه: ١٤].
كل هذا لا يكون إلا صوتًا، ولا يجوز أن يكون هذا النداء وهذا الاسم والصفة إلا لله ﷿، دون غيره من الملائكة وسائر المخلوقات.
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال النبي- ﷺ: «إذا كان يوم القيامة، يأتي الله ﷿ في ظلل من الغمام، فيتكلم بكلام طلق ذلق، فيقول- وهو أصدق القائلين-: انصتوا فطالما أنصت لكم، منذ خلقتكم، أرى أعمالكم، وأسمع أقوالكم، فإنما هي صحائفكم، تقرأ عليكم، فمن وجد خيرًا فليحمد الله ﷾، ومن وجد غير