78

Ghidha Albab

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Publisher

مؤسسة قرطبة

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

مصر

Genres

Sufism
وَفِي صَحِيحِ الْحَاكِمِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «مَا مِنْ صَبَاحٍ إلَّا وَمَلَكَانِ يُنَادِيَانِ وَيْلٌ لِلرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ، وَوَيْلٌ لِلنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ» . وَفِي التَّبْصِرَةِ: كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ﵇ يَقُولُ: النَّظْرَةُ تَزْرَعُ فِي الْقَلْبِ الشَّهْوَةَ وَكَفَى بِهَا خَطِيئَةً. وَقَالَ الْحَسَنُ ﵁: مَنْ أَطْلَقَ طَرْفَهُ كَثُرَ أَسَفُهُ. وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ: أَمَّا اللَّحَظَاتُ فَهِيَ رَائِدَةُ الشَّهْوَةِ وَرَسُولُهَا، وَحِفْظُهَا أَصْلُ حِفْظِ الْفَرْجِ، فَمَنْ أَطْلَقَ بَصَرَهُ أَوْرَدَهُ مَوَارِدَ الْهَلَكَاتِ. وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «إيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَجَالِسُنَا مَا لَنَا مِنْهَا بُدٌّ، قَالَ فَإِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ فَاعِلِينَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ. قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ» . وَقَدْ نَظَمَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ آدَابَ الْجُلُوسِ عَلَى الطَّرِيقِ فِي قَوْلِهِ: جَمَعْت آدَابَ مَنْ رَامَ الْجُلُوسَ عَلَى الطَّ ... رِيقِ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْخَلْقِ إنْسَانَا أَفْشِ السَّلَامَ وَأَحْسِنْ فِي الْكَلَامِ وَشَ ... مِّتْ عَاطِسًا وَسَلَامًا زَادَ إحْسَانَا فِي الْحَمْلِ عَاوِنْ وَمَظْلُومًا أَعِنْ وَأَغِثْ ... لَهْفَانَ وَارْشِدْ سَبِيلًا وَاهْدِ حَيْرَانَا بِالْعُرْفِ مُرْ وَانْهَ عَنْ نُكْرٍ وَكُفَّ أَذًى ... وَغُضَّ طَرْفًا وَأَكْثِرْ ذِكْرَ مَوْلَانَا وَزَادَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَاقِي الْحَنْبَلِيُّ وَالِدُ أَبِي الْمَوَاهِبِ عَلِيِّ بْنِ حَجَرٍ بَيْتًا وَهُوَ: وَالصُّمَّ وَالْعُمْيَ أَبْلِغْ ثُمَّ دُلَّ عَلَى الْ ... حَاجَاتِ وَالْأَغْبِيَا كُنْ صَاحِ فَطَّانَا قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ: وَالنَّظَرُ أَصْلُ عَامَّةِ الْحَوَادِثِ الَّتِي تُصِيبُ الْإِنْسَانَ، فَإِنَّ النَّظْرَةَ تُولِدُ خَطْرَةً، ثُمَّ تُولِدُ الْخَطْرَةُ فِكْرَةً، ثُمَّ تُولِدُ الْفِكْرَةُ شَهْوَةً، ثُمَّ تُولِدُ الشَّهْوَةُ إرَادَةً، ثُمَّ تَقْوَى فَتَصِيرُ عَزِيمَةً جَازِمَةً فَيَقَعُ الْفِعْلُ وَلَا بُدَّ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ. وَفِي هَذَا قِيلَ: الصَّبْرُ عَلَى غَضِّ الطَّرْفِ أَيْسَرُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى أَلَمٍ بَعْدَهُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

1 / 85