58

Ghidha Albab

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Publisher

مؤسسة قرطبة

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

مصر

Genres

Sufism
الدِّينِ، وَهُوَ رِعَايَةُ الْجَوَارِحِ السَّبْعَةِ عَنْ الْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ، وَإِنَّمَا تَصْلُحُ وَتَطْهُرُ بِرِعَايَةِ الْقَلْبِ وَطَهَارَتِهِ مِنْ الْمُوبِقَاتِ وَالْجَرَائِمِ وَمَعْنَى الْمُوبِقَاتِ الْمُهْلِكَاتُ. مَطْلَبٌ: الْمُوبِقَاتُ السَّبْعُ : أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَعْضِ مَا يَتَعَلَّقُ مِنْ الْآفَاتِ كَالْكِبْرِ وَالْحَسَدِ وَغَيْرِهِمَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَمَّا ذَكَرَ النَّاظِمُ أَنَّ مَنْ طَلَبَ السَّلَامَةَ فَعَلَيْهِ بِحِفْظِ جَوَارِحِهِ السَّبْعِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ بَدَأَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِذِكْرِ آفَاتِ أَسْرَعِهَا حَرَكَةً وَهُوَ اللِّسَانُ فَقَالَ: يَكُبُّ الْفَتَى فِي النَّارِ حَصْدُ لِسَانِهِ ... وَإِرْسَالُ طَرْفِ الْمَرْءِ أَنْكَى فَقَيِّدِ (يَكُبُّ) أَيْ يَقْلِبُ وَيَصْرَعُ، يُقَالُ كَبَّهُ صَرَعَهُ كَأَكَبَّهُ وَكَبْكَبَهُ فَأُكِبَّ، وَهُوَ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ (الْفَتَى) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْفَتَى الشَّابُّ وَالسَّخِيُّ الْكَرِيمُ جَمْعُهُ فِتْيَانُ وَفُتُوَّةٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا يَكُبُّ الْإِنْسَانَ (فِي النَّارِ) الْمَعْهُودَةُ الْمَعْلُومَةُ وَهِيَ نَارُ جَهَنَّمَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ، الَّتِي مَنْ دَخَلَهَا خَسِرَ خَسَارَةً عَظِيمَةً وَخَابَتْ مِنْهُ الصَّفْقَةُ وَالتِّجَارَةُ، وَهِيَ إحْدَى الْعَظِيمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ لَا يُنْسَيَا. أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ لَا تَنْسَوْا الْعَظِيمَتَيْنِ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ ثُمَّ بَكَى حَتَّى جَرَى أَوْ بَلَّ دُمُوعُهُ جَانِبَيْ لِحْيَتِهِ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مِنْ الْآخِرَةِ لَمَشَيْتُمْ إلَى الصَّعِيدِ وَلَحَثَيْتُمْ عَلَى رُءُوسِكُمْ التُّرَابَ» . وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ «تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: ٦] فَقَالَ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ حَتَّى احْمَرَّتْ وَأَلْفَ عَامٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ، وَأَلْفَ عَامٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ، فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ لَا يُطْفَأُ لَهَبُهَا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْأَصْبَهَانِيُّ.

1 / 65