23

Ghidha Albab

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Publisher

مؤسسة قرطبة

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

مصر

Genres

Sufism
أَيْ بَيَّنَّا لَهُمْ وَأَرْشَدْنَاهُمْ وَدَلَلْنَاهُمْ فَلَمْ يَهْتَدُوا. وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢] . الثَّالِثُ: هِدَايَةُ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ، وَهِيَ الْهِدَايَةُ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِلِاهْتِدَاءِ فَلَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [النحل: ٩٣] وَفِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾ [النحل: ٣٧] وَفِي قَوْلِهِ ﷺ «مَنْ يَهْدِي اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ» وَفِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: ٥٦] فَنَفَى عَنْهُ هَذِهِ الْهِدَايَةَ وَأَثْبَتَ لَهُ هِدَايَةَ الدَّعْوَةِ وَالْبَيَانِ فِي قَوْلِهِ ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢] . (الرَّابِعُ): غَايَةُ هَذِهِ الْهِدَايَةِ وَهِيَ الْهِدَايَةُ إلَى الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ إذَا سِيقَ أَهْلُهُمَا إلَيْهِمَا. قَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ [يونس: ٩] وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِيهَا ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٤٣] وَقَالَ فِي حَقِّ أَهْلِ النَّارِ ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ - مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٢٢ - ٢٣] . انْتَهَى كَلَامُ الْبَيْضَاوِيِّ فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْبَيْضَاوِيِّ: الْهِدَايَةُ دَلَالَةٌ بِلُطْفٍ، وَلِذَلِكَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَقَوْلُهُ ﴿فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٢٣] عَلَى التَّهَكُّمِ. ثُمَّ قَالَ: وَهِدَايَةُ اللَّهِ تَتَنَوَّعُ أَنْوَاعًا لَا يُحْصِيهَا عَدٌّ، لَكِنَّهَا تَنْحَصِرُ فِي أَجْنَاسٍ مُتَرَتِّبَةٍ: الْأَوَّلُ إفَاضَةُ الْقُوَى الَّتِي بِهَا يَتَمَكَّنُ الْمُؤْمِنُ الِاهْتِدَاءَ إلَى مَصَالِحِهِ كَالْقُوَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْحَوَاسِّ الْبَاطِنَةِ وَالْمَشَاعِرِ الظَّاهِرَةِ. وَالثَّانِي نَصْبُ الدَّلَائِلِ الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ حَيْثُ قَالَ ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: ١٠] وَقَالَ ﴿فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧] . وَالثَّالِثُ: الْهِدَايَةُ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ وَإِيَّاهَا عَنَى بِقَوْلِهِ ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ [الأنبياء: ٧٣] وَقَوْلِهِ ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩] . وَالرَّابِعُ أَنْ يَكْشِفَ عَلَى قُلُوبِهِمْ السَّرَائِرَ وَيُرِيَهُمْ الْأَشْيَاءَ كَمَا هِيَ بِالْوَحْيِ أَوْ الْإِلْهَامِ وَالْمَنَامَاتِ الصَّادِقَةِ، وَهَذَا قِسْمٌ يَخْتَصُّ بِنَيْلِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ، وَإِيَّاهُ عَنَى بِقَوْلِهِ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ [الأنعام: ٩٠]

1 / 30