193

Ghidhaʾ al-albāb fī sharḥ manẓūmat al-ādāb

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Publisher

مؤسسة قرطبة

Edition

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

مصر

Genres

Sufism
وَأَوَّلُ مَنْ لَطَّفَ الْمَعَانِيَ فِي الشِّعْرِ وَاسْتَوْقَفَ عَلَى الطُّلُولِ وَوَصَفَ النِّسَاءِ بِالظِّبَا وَالْمَهَا وَالْبِيضِ امْرُؤُ الْقَيْسِ. قَالَ عَلِيٌّ: رَأَيْته أَحْسَنَ الشُّعَرَاءِ لِأَنَّهُ قَالَ مَا لَمْ يَقُولُوا، وَأَحْسَنَهُمْ نَادِرَةً، وَأَسْبَقَهُمْ بَادِرَةً، وَلَمْ يَقُلْ الشِّعْرَ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِالشِّعْرِ: إنَّ امْرَأَ الْقَيْسِ لَمْ يَتَقَدَّمْ الشُّعَرَاءَ وَلَكِنَّهُ سَبَقَ إلَى أَشْيَاءَ فَاسْتَحْسَنَهَا الشُّعَرَاءُ وَاتَّبَعُوهُ فِيهَا فَهُوَ أَشْعَرُ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ.
وَقِيلَ فِي حَقِّهِ عَلَى لِسَانِ النُّبُوَّةِ: «امْرُؤُ الْقَيْسِ بِيَدِهِ لِوَاءُ الشُّعَرَاءِ» كَمَا فِي مُزْهِرِ اللُّغَةِ لِلسُّيُوطِيِّ.
وَفِي أَوَائِلِ السُّيُوطِيِّ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَرَقَّ الشِّعْرَ وَالْمَرَاثِي مُهَلْهَلُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَذَبَ فِي شِعْرِهِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ أَشْعَرَهُمْ أَكْذَبُهُمْ.
وَفِي التَّوْرَاةِ: أَبُو ذِئْبٍ مُؤَلِّفٌ زُورًا، وَكَانَ اسْمَ شَاعِرٍ بِالسُّرْيَانِيَّةِ. وَقَدْ قِيلَ: الشُّعَرَاءُ أَرْبَعَةٌ: امْرُؤُ الْقَيْسِ، وَطَرَفَةُ، وَالنَّابِغَةُ، وَمُهَلْهَلٌ، وَأَشْعَرُ الْإِسْلَامِيِّينَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ.
[طَبَقَات الشُّعَرَاء]
وَالشُّعَرَاءُ أَرْبَعُ طَبَقَاتٍ، جَاهِلِيٌّ قَدِيمٌ، وَمُخَضْرَمٌ، وَهُوَ الَّذِي أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَالْإِسْلَامَ، وَإِسْلَامِيٌّ، وَمُحْدِثٌ. وَلِلشِّعْرِ طَبَقَاتٌ ذَكَرَهَا عُلَمَاءُ هَذَا الشَّأْنِ فِي كُتُبِهِمْ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ شَاعِرًا لِأَنَّهُ يَشْعُرُ بِمَا لَا يَشْعُرُ بِهِ غَيْرُهُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
مَطْلَبٌ: فِي حَظْرِ الْهِجَاءِ وَالْمَدْحِ بِالزُّورِ
وَحَظْرَ الْهَجَا وَالْمَدْحِ بِالزُّورِ وَالْخَنَا ... وَتَشْبِيبِهِ بِالْأَجْنَبِيَّاتِ أَكِّدْ
(وَحَظْرُ) أَيْ مَنْعُ (الْهَجَا) أَيْ الشَّتْمِ وَالذَّمِّ بِالشِّعْرِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: هَجَاهُ هَجْوًا وَهِجَاءً شَتَمَهُ بِالشِّعْرِ (وَ) حَظْرُ (الْمَدْحِ بِالزُّورِ) أَيْ الْكَذِبِ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ (وَ) حَظْرُ الْمَدْحِ بِ (الْخَنَا) أَيْ الْفُحْشِ.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْخَنْوَةُ الْقَذِرَةُ وَالْفُرْجَةُ فِي الْخُصِّ، وَخَنَا خَنْوًا فَحُشَ، وَأَمَّا خَنِيَ كَرَضِيَ وَأَخْنَى عَلَيْهِمْ فَمَعْنَاهُ أَهْلَكَهُمْ، وَالْجَرَادُ كَثُرَ بَيْضُهُ، وَالْمَرْعَى كَثُرَ نَبَاتُهُ، وَخَنَا الدَّهْرِ آفَاتُهُ (وَ) حَظْرُ (تَشْبِيبِهِ) أَيْ الْمُتَشَبِّبِ (بِ) النِّسَاءِ (الْأَجْنَبِيَّاتِ) الْمُعَيَّنَاتِ.
وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيَّاتِ هُنَا مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ بِخِلَافِ نِسَائِهِ وَإِمَائِهِ فَلَا حَظْرَ بِالتَّشْبِيبِ بِهِنَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا التَّشْبِيبُ بِغَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ

1 / 200