187

Ghidhaʾ al-albāb fī sharḥ manẓūmat al-ādāb

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Publisher

مؤسسة قرطبة

Edition

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

مصر

Genres

Sufism
النَّاسِ وَأُولِي فَضْلِهِمْ، فَمَنْ فَاخَرَنَا فَلْيَعْدُدْ مِثْلَ مَا أَعْدَدْنَا، وَإِنَّا لَوْ شِئْنَا أَكْثَرْنَا وَلَكِنَّا نَحْيَا مِنْ الْإِكْثَارِ فِيمَا أَعْطَانَا وَإِنَّا نَقُولُ هَذَا لَأَنْ تَأْتُوا بِمِثْلِ قَوْلِنَا وَأَمْرٍ أَفْضَلَ مِنْ أَمْرِنَا، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: قُمْ فَأَجِبْ الرَّجُلَ فِي خُطْبَتِهِ، فَقَامَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ خَلْقُهُ، قَضَى فِيهِنَّ أَمْرَهُ، وَسِعَ كُرْسِيَّهُ عِلْمُهُ، وَلَمْ يَكُ شَيْءٌ قَطُّ إلَّا مِنْ فَضْلِهِ، ثُمَّ كَانَ مِنْ قُدْرَتِهِ أَنْ جَعَلَنَا مُلُوكًا وَاصْطَفَى مِنْ خَيْرِ خَلْقِهِ رَسُولًا، أَكْرَمَهُ نَسَبًا، وَأَصْدَقَهُ حَدِيثًا، وَأَفْضَلَهُ حَسَبًا، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ، وَائْتَمَنَهُ عَلَى خَلْقِهِ، فَكَانَ خِيرَةَ اللَّهِ مِنْ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ دَعَا النَّاسَ إلَى الْإِيمَانِ بِهِ، فَآمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قَوْمِهِ وَذَوِي رَحِمِهِ، أَكْرَمَ النَّاسِ أَحْسَابًا وَأَحْسَنَ النَّاسِ وُجُوهًا، وَخَيْرَ النَّاسِ فِعَالًا، ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ الْخَلْقِ إجَابَةً وَاسْتَجَابَ لِلَّهِ تَعَالَى حِينَ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَحْنُ، فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَوُزَرَاءُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَمَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ مُنِعَ مَالَهُ وَدَمَهُ، وَمَنْ كَفَرَ جَاهَدْنَاهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى أَبَدًا وَكَانَ قَتْلُهُ عَلَيْنَا يَسِيرًا أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى لِي وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالسَّلَامُ. فَقَامَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ فَقَالَ: وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ: يَا فُلَانُ قُمْ فَقُلْ أَبْيَاتًا يُذْكَرُ فِيهَا فَضْلُك وَفَضْلُ قَوْمِك. فَقَالَ:
نَحْنُ الْكِرَامُ فَلَا حَيٌّ يُعَادِلُنَا ... نَحْنُ الرُّءُوسُ وَفِينَا يُقْسَمُ الرُّبْعُ
وَكَمْ قَسَرْنَا مِنْ الْأَحْيَاءِ كُلِّهِمُو ... عِنْدَ النِّهَابِ وَفَضْلُ الْعِزِّ يُتَّبَعُ
وَنُطْعِمُ النَّاسَ عِنْدَ الْمَحَلِّ كُلَّهُمُو ... مِنْ السَّدِيفِ إذَا لَمْ يُؤْنَسْ الْقَزَعُ
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ:
وَنَحْنُ يُطْعَمُ عِنْدَ الْقَحْطِ مَطْعَمُنَا ... مِنْ الشِّوَاءِ إذَا لَمْ يُؤْنَسْ الْقَزَعُ
بِمَا تَرَى النَّاسَ تَأْتِينَا سُرَاتُهُمُو ... مِنْ كُلِّ أَرْضٍ هَوِيًّا ثُمَّ نَصْطَنِعُ
فَنَنْحَرُ الْكَوْمَ عَبْطًا فِي أَرُومَتِنَا ... لِلنَّازِلِينَ إذَا مَا أُنْزِلُوا شَبِعُوا
فَلَا تَرَانَا إلَى حَيٍّ نُفَاخِرُهُمْ ... إلَّا اسْتَقَادُوا فَكَانُوا الرَّأْسَ يُقْتَطَعُ

1 / 194