Ghidha Albab
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Publisher
مؤسسة قرطبة
Edition Number
الثانية
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
مصر
Genres
Sufism
بِتَرْجِيعٍ) أَيْ تَرْدِيدٍ (وَصَوْتٍ لَهُ) أَيْ لِلنَّبِيِّ ﷺ (نَدِي) بِكَسْرِ الدَّالِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ لِضَرُورَةِ الْوَزْنِ أَيْ حَسَنٍ وَرَطْبٍ فَلَا كَرَاهَةَ مَعَ ثُبُوتِ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ ﷺ وَلِأَنَّهُ سَبَبُ الرِّقَّةِ وَإِثَارَةِ الْخَشْيَةِ وَإِقْبَالِ النُّفُوسِ عَلَى اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ.
قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْفَتَاوَى الطَّرَابُلُسِيَّةِ: وَنُقِلَ عَنْهُ فِي تَسْهِيلِ السَّبِيلِ فِي بَابِ تَحْرِيمِ تَلْحِينِ الْقُرْآنِ وَالتَّغَنِّي بِهِ: لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ، يَعْنِي فِي النَّهْيِ عَنْ التَّلْحِينِ وَالتَّغَنِّي بِهِ، بَلْ وَرَدَ خِلَافُ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ، وَهُوَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ وَيُرْجِعُ فِيهَا» قَالَ الرَّاوِي وَالتَّرْجِيعُ (آآ آ) قُلْت وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ﵁ قَالَ. «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَتِهِ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ فَرَجَعَ فِي قِرَاءَتِهِ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لَهُ «لَقَدْ أُوتِيت مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لَهُ «لَقَدْ رَأَيْتنِي وَأَنَا أَسْمَعُ لِقِرَاءَتِك الْبَارِحَةَ» وَأَقُولُ: أَمَّا تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ ﵃ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، وَأَقْوَالُهُمْ وَأَفْعَالُهُمْ مَشْهُورَةٌ بِذَلِكَ فِي غَايَةِ الشُّهْرَةِ، وَدَلَائِلُ هَذَا مِنْ الْأَحَادِيثِ كَثِيرَةٌ جِدًّا كَحَدِيثِ «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» وَحَدِيثُ «لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا» وَحَدِيثُ «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَمَعْنَى أَذِنَ اسْتَمَعَ كَمَا يَأْتِي بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا فِي آدَابِ الْقُرْآنِ، وَحَدِيثِ «لَلَّهُ أَشَدُّ أَذَنًا إلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إلَى قَيْنَتِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَحَدِيثِ «مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.
قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: مَعْنَى مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ أَيْ مَنْ لَمْ يُحَسِّنْ صَوْتَهُ بِهِ.
1 / 178