100

Ghidhaʾ al-albāb fī sharḥ manẓūmat al-ādāb

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Publisher

مؤسسة قرطبة

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

مصر

Genres

Sufism
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَيَمْتَازُ الْجَرْحُ بِالْوُجُوبِ فَإِنَّهُ مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ بِالْإِجْمَاعِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: الْهِجْرَانُ الْجَائِزُ هَجْرُ ذَوِيَ الْبِدَعِ، أَوْ مُجَاهِرٍ بِالْكَبَائِرِ وَلَا يَصِلُ إلَى عُقُوبَتِهِ وَلَا يَقْدَمُ عَلَى مَوْعِظَتِهِ أَوْ لَا يَقْبَلُهَا، وَلَا غِيبَةَ فِي هَذَيْنِ فِي ذِكْرِ حَالِهِمَا.
قَالَ فِي الْفُصُولِ: لِيَحْذَرْ مِنْهُ أَوْ يَكْسِرْهُ عَنْ الْفِسْقِ، وَلَا يَقْصِدْ بِهِ الْإِزْرَاءَ عَلَى الْمَذْكُورِ وَالطَّعْنَ فِيهِ وَلَا فِيمَا يُشَاوَرُ فِيهِ مِنْ النِّكَاحِ أَوْ الْمُخَاطَبَةِ. قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ ﵁ عَنْ الرَّجُلِ يَسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ يَخْطُبُ إلَيْهِ فَيَسْأَلُ عَنْهُ فَيَكُونُ رَجُلَ سُوءٍ فَيُخْبِرُهُ مِثْلَ مَا «أَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ حِينَ قَالَ لِفَاطِمَةَ: مُعَاوِيَةُ عَائِلٌ، وَأَبُو جَهْمٍ عَصَاهُ عَلَى عَاتِقِهِ»، يَكُونُ غِيبَةٌ إنْ أَخْبَرَهُ؟ قَالَ: الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ يُخْبِرُهُ بِمَا فِيهِ وَهُوَ أَظْهَرُ، وَلَكِنْ يَقُولُ مَا أَرْضَاهُ لَك وَنَحْوَ هَذَا أَحْسَنُ.
وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ سَأَلَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ عَنْ مَعْنَى الْغِيبَةِ يَعْنِي فِي النَّصِيحَةِ، قَالَ إذَا لَمْ تُرِدْ عَيْبَ الرَّجُلِ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي حَرْبٌ سَمِعْت أَحْمَدَ ﵁ يَقُولُ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُعْلِنًا بِفِسْقِهِ فَلَيْسَتْ لَهُ غِيبَةٌ.
وَقَالَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ: مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَلَا غِيبَةَ فِيهِ. قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: الْأَشْهَرُ عَنْهُ يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعْلِنِ وَغَيْرِهِ.
وَظَاهِرُ الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ أَنَّ مَنْ جَازَ هَجْرُهُ جَازَتْ غِيبَتُهُ. قَالَ وَمُرَادُهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ لَا فَلَا.
وَقَدْ احْتَجَّ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ عَلَى غِيبَةِ أَهْلِ الْفَسَادِ وَأَهْلِ الرِّيَبِ بِقَوْلِهِ ﵊ فِي عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ لَمَّا اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ «بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ» .
مَطْلَبٌ: هَلْ يَجُوزُ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ لِمَصْلَحَةٍ؟
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي التَّحْرِيرِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ النُّصْحِ وَالتَّعْبِيرِ: اعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَ الْإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ إنَّمَا يَكُونُ مُحَرَّمًا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مُجَرَّدَ الذَّمِّ وَالْعَيْبِ وَالتَّنْقِيصِ، فَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ خَاصَّةٌ لِبَعْضِهِمْ

1 / 107