الخامسة: ينبغي له تحسين هيئته وليحذر من الملابس المنهيّ عنها ومما لا يليق بأمثاله ويجلس غير متكئ مستقبل القبلة متطهرا ويزيل نتن إبطيه أو ما له رائحة كريهة بما أمكن له ويمس من الطيب ما يقدر عليه ولا يعبث بلحيته ولا بغيرها وليحفظ بصره عن الالتفات إلا من حاجة وليكن خاشعا متدبرا في معاني القرآن ساكن الأطراف إلا إذا احتاج إلى إشارة للقارئ فيضرب بيده الأرض ضربا خفيفا أو يشير بيده أو برأسه ليفطن القارئ لما فاته ويصبر حتى يتفكر فإن تذكر وإلا أخبره بما ترك أو غير قاصدا بجميع ذلك إجلال القرآن وتعظيمه ويوسع مجلسه ليتمكن جميع أصحابه من الجلوس فيه، وفي الحديث «خير المجالس أوسعها» وليحذر من دسائس نفسه في هذا وأمثاله ويقدم الأسبق فالأسبق فإن أسقط الأسبق حقه قدم من قدمه فإن جاءوا دفعة أو اجتمعوا للصلاة فليقدم الأفضل فالأفضل أو المسافرين وذوي الحاجة من غير
ميل ولا متابعة هوى فإن رأى في بعض أصحابه شيئا نهاه مع إظهار الشفقة عليه والرفق به فهو أقرب للقبول وأعظم أجرا عند الله وفيه التخلق بأخلاق الله فإنا نراه لا يعاجل بالعقوبة من هو منهك في المعاصي والآثام بل في الكفر وعبادة الأصنام بل يمدهم بالنعم المتكاثرة وأظهر لهم الآيات البينات الواضحة الظاهرة وأرسل لهم رسله وأيدهم بالدلالات الباهرة كل ذلك ليعرفهم به ويدعوهم إلى ما عنده من الكرامات التي لا تحصى وهو القادر على أن يهلك جميع العوالم في أقل من فتح عين حارس، وأيّ حلم وجود أعظم من هذا وشرف العبد وفضله وعزه وفخره التخلق بأخلاق الله تعالى ولا يصاحب إلا من يعينه على الخير ومكارم الأخلاق وإلا فالوحدة أولى به قال أبو ذر- ﵁: الوحدة خير من جليس السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة، وليتخلق في نفسه ويأمر جميع من حضره بالأخلاق النبوية وليتمسك بالكتاب والسنة في جميع تصرفاته الظاهرة والباطنة فهذا أصل كل خير ومنبع كل فضيلة.
1 / 17