العقل يحيل إيمانه لما يلزم عليه من انقلاب العلم القديم جهلًا، ولو سئل عنه أهل العادة لم يحيلوا إيمانه، وقد يكون عقلًا وعادة، كالجمع بين النقيضين ونحوه، فالقسم الثاني يجوز التكليف به/ (١٦ب/د) بل وقع بالاتفاق، لأن الله تعالى كلف الثقلين بالإيمان مع علمه بأن أكثرهم لا يؤمنون، وهذا مفهوم من تقييد المصنف قول المنع بما ليس ممتنعًا لتعلق العلم القديم بعدم وقوعه، فدل على أن ما امتنع لتعلق العلم القديم بعدم وقوعه ليس محل خلاف ولا يمنع التكليف به أحد.
وأما القسم الأول والثالث ففيهما مذاهب.
أحدهما - وبه قال أكثر أصحابناـ: جوازه مطلقًا، أي سواء كان محالًا لذاته وهو الممتنع عقلًا، أو لغيره وهو الممتنع عادة.
الثاني: المنع مطلقًا، وبه قال أكثر المعتزلة، ورجحه ابن الحاجب، وحكي عن الشافعي ﵁ وحكاه المصنف عن الشيخ أبي حامد والغزالي وابن دقيق العيد، وفي النقل عن الأخيرين نظر، أما الغزالي فحكى عنه الآمدي: أنه مال إلى القول الثالث المفصل، وأما ابن دقيق العيد فإنه في (شرح العنوان) بعد أن اختار عدم جوازه، قال: إن المحال بنفسه هو الذي يمنعه.
الثالث: منع التكليف بالممتنع لذاته وهو المحال عقلًا وعادة، وجوازه بالممتنع لغيره وهو الممتنع عادة فقط، وبه قال الآمدي والمعتزلة البغداديون.
الرابع - وبه قال إمام الحرمين ـ: أنه/ (١٩/ ب/م) يمتنع التكليف بالمحال، أي طلب فعله، ولا يمتنع ورود صيغته غير مراد بها الطلب مثل: ﴿كونوا قردة خاسئين﴾
قال الشارح: وهو في الحقيقة تنقيح مناط، ففي جعل المصنف له مذهبًا رابعًا نظر، ولهذا قال ابن برهان: الخلاف على هذا لفظي بخلافه على قول
1 / 94