قلت: ينبغي أن يقابل بين ثواب العبادة وإثم المكث في المغصوب، فإن تكافآ أحبط الإثم الثواب، وإن زاد ثواب العبادة بقي له قدر من الثواب لا يضيع عليه، وحينئذ فلا يطلق انتفاء الثواب لحصول بعضه في بعض الأحوال، والله أعلم.
وقد ظهر أن قوله: (وقيل: يثاب) هو بحث لابن الصباغ، وهو المذهب الثاني.
والمذهب الثالث: أنه لا يصح، ولكن يسقط الطلب عندها، أي لا بها، وحكاه المصنف عن القاضي أبي بكر والإمام الرازي، وقال الصفي الهندي: الصحيح أن القاضي/ (١٨/ب/ م) إنما يقول بذلك لو ثبت القول بصحة الإجماع على سقوط القضاء، فأما إذا لم يثبت بذلك فلا يقول بسقوط القضاء بها ولا عندها، انتهى.
والمذهب الرابع: أنها لا تصح، ولا يسقط بها الفرض، وهو المنقول عن أحمد بن حنبل، وهو وجه عندنا، حكاه القاضي حسين في تعليقه في باب صلاة المسافر إلا أنه لم يصرح بأن الفرض لا يسقط.
ص: والخارج من المغصوب تائبًا آت بواجب، وقال أبو هاشم: بحرام، وقال إمام الحرمين هو مرتبك في المعصية مع انقطاع تكليف النهي وهو دقيق.
ش: إذا دخل أرضا مغصوبة ثم ندم وأراد الخروج منها، ففي خروجه منها أقوال.
أحدها: أنه آت بواجب، فإنه باعتبار شغل بقعة غيره آت بمحرم، وباعتبار السعي في تفريغها آت بواجب، ولا يمكن التفريغ إلا بهذا الشغل.
الثاني وبه قال أبو هاشم: إنه آت بحرام، كاللابث فيها، لتصرفه في ملك غيره بغير إذنه.
الثالث وبه قال إمام الحرمين: إنه مرتبك في المعصية، أي مشتبك
1 / 91