ثم اختلف هؤلاء في أنه إذا أخرها عن أول الوقت هل يجب عليه العزم على إيقاعها في بقية الوقت أم لا يجب ذلك؟ فنقل الإمام الرازي وجوب العزم عن أكثر أصحابنا، وأكثر المعتزلة، ونصره القاضي أبو بكر والآمدي وصححه النووي في (شرح المهذب) وادعى المصنف أن ذلك لا يعرف إلا عن القاضي ومن تابعه كالآمدي، وأنه معدود من هفواته، ومن العظائم في الدين، فإنه إيجاب بلا دليل.
وعلى القول بإنكار الواجب الموسع أربعة أقوال، حكاها المصنف.
أحدها: أن الواجب يختص بأول الوقت، فإن أخره كان قضاء، حكاه الإمام والرازي في (المعالم) عن بعض الشافعية، وهو غلط، فلم يقل به أحد منهم، ولعل سبب الاشتباه أن الشافعي حكاه في (الأم) عن بعض أهل الكلام وغيرهم ممن/ (١٦ب/م) يفتي.
الثاني: أن الوجوب يختص بآخر الوقت، فإن فعله في أوله كان تعجيلًا وهو محكي عن الحنفية.
الثالث: أنه يختص بالجزء الذي يتصل به الأداء، وإلا فآخر الوقت الذي يسع الفعل ولا يفضل عنه، وحكاه المصنف عن الحنفية تبعًا لقول والده والصفي الهندي أنه المشهور عندهم.
الرابع: وهو محكي عن الكرخي، أنه إن أوقع العبادة في أول الوقت وقع فعله واجبًا بشرط بقائه/ (١٤أ/ د) مكلفًا، فإن مات في أثناء الوقت أو خرج عن التكليف بجنون أو نحوه فما فعله أولًا نفل، كذا حكاه عنه الإمام والآمدي وابن الحاجب، وحكى عنه الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع أن الواجب يتعين بالفعل في أي وقت كان، وحكى عنه الآمدي القولين معًا، ولم يحك المصنف هذه المقالة الأخيرة، وبها تكمل في المسألة سبعة مذاهب.
1 / 84