ش: المراد ما إذا فعلها دفعة واحدة، فإنه إذا أتى بها على التعاقب كان الأول هو الواجب، والقول بأن الواجب أعلاها، وأنه في الترك يعاقب على أدناها حكاه في (المحصول).
وقال ابن التلمساني: إنه الحق، وحكاه ابن السمعاني في (القواطع) عن الأصحاب، وضعفه صاحب (الحاصل) لأنه يوجب تعيين الواجب، وفيه نظر، فإنه لا يلزم من تعيينه بعد الإيقاع تعينه في أصل التكليف والمحذور هو الثاني.
ص: ويجوز تحريم واحد لا بعينه، خلافًا للمعتزلة، وهي كالمخير، وقيل: لم ترد به اللغة.
ش: اختلف في الحرام المخير فأثبته الأشاعرة، ونفاه المعتزلة، ومثاله نكاح الأختين، ونقل السبكي عن شيخه علاء الدين الباجي أنه قال: الحق نفيه، لأن المحرم، الجمع بينهما لا إحداهما، ولا كل واحدة منهما، ثم قال السبكي: وأنا أقول كذلك: إن المحرم في الأختين الجمع بينهما، وأثبت الحرام المخير، وأمثله، بما إذا أعتق إحدى أمتيه، فإنه يجوز له وطء إحداهما، ويكون الوطء تعيينًا للعتق في الأخرى، وكذا طلاق إحدى امرأتيه، إذا قلنا بأحد القولين: إن الوطء تعيين، قال: ففي هذين المثالين الحرام واحدة، لا بعينها.
وهذه المسألة كالتخيير، وهو الأمر بخصلة مبهمة من خصال معينة، وبنى المعتزلة نفي الحرام المخير على أصلهم في تبعية الحكم للمصالح، وقالوا: النهي عن إحداهما يدل على قبحهما، فيجب اجتنابهما فلا يثبت الحرام المخير، فامتناعه من جهة العقل، وحكى المصنف قولًا أن امتناعه من جهة اللغة، فإنها لم ترد به، وأجاب قائل هذا عن قوله تعالى: ﴿ولا تطع منهم آثما أو كفورًا﴾
1 / 79