في لغة، وقيل لا إن كانا من لغتين لما مرّ، وعلى الأصح إنما امتنع ذلك فيما تعبد بلفظه كتكبيرة الإحرام عندنا للقادر عليها العارض شرعي، والبحث إنما هو لغوي فلا حاجة إلى التقييد بذلك وإن قيد به الأصل.
(مسألة الأصح أن المشترك) بين معنيين مثلًا (واقع) في الكلام (جوازا) كالقراء للطهر والحيض وعسعس لأقبل وأدبر والباء للتبعيض والاستعانة وغيرهما. وقيل لا، وما يظنّ مشتركا فهو إما حقيقة أو مجاز أو متواطىء كالعين حقيقة في الباصرة مجاز في غيرها كالذهب لصفائه، وكالقرء موضوع للقدر المشترك بين الطهر والحيض، وهو المع من قرأت الماء في الحوض أي جمعته فيه، والدم يجتمع في زمن الطهر في الجسد وفي زمن الحيض في الرحم، وقيل لا في القرآن والحديث لأنه ولو وقع فيهما لوقع إما مبينا فيطول بلا فائدة أو غير مبين فلا يفيد، والقرآن والحديث ينزهان عن ذلك. وأجيب باختيار الثاني ويفيد إرادة أحد معنييه الذي سيبين وإن لم يبين حمل على معنييه كما سيأتي. وقيل يجب وقوعه لأن المعاني أكثر من الألفاظ الدالة عليها. وأجيب بمنع ذلك إذ ما من مشترك إلا ولكل من معنييه مثلًا لفظ يدل عليه، وقيل هو ممتنع لإخلاله بفهم المراد المقصود من الوضع. وأجيب بأنه يفهم بالقرينة، والمقصود من الوضع الفهم التفصيلي أو الإجمالي المبين بالقرينة. فإن انتفت حمل على المعنيين، وقيل ممتنع من النقيضين فقط إذ لو وضع لهما لفظ لم يفد سماعه غير التردد بينهما وهو حاصل في العقل. وأجيب بأنه قد يعقل عنهما فيستحضرهما بسماعه ثم يبحث عن المراد منهما.
(و) الأصح (أنه) أي المشترك. (يصح لغة إطلاقه على معنييه) مثلًا (معا) بأن يراد به من متكلم واحد في وقت واحد كقولك عندي عين وتريد الباصرة والجارية مثلًا. وقرأت هند وتريد طهرت وحاضت. (مجازا) لأنه لم يوضع لهما معا بل لكل منهما منفردا بأن تعدد الواضع أو وضع الواحد نسيانا للأوّل. وعن الشافعي أنه حقيقة نظرا لوضعه لكل منهما وأنه ظاهر فيهما عند التجرد عن القرائن، وعن القاضي أبي بكر الباقلاني أنه حقيقة، وأنه مجمل لكن يحمل عليهما احتياطا. وقيل يصح أن يراد به المعنيان عقلًا لا لغة، وقيل يصح ذلك في النفي نحو لا عين عندي، ويراد به الباصرة والذهب مثلًا دون الإثبات نحو عندي عين لأن زيادة النفي على الإثبات معهودة، وردّ بأن النفي لا يرفع إلا ما يقتضيه الإثبات والخلاف فيما إذا أمكن الجمع بينهما، فإن امتنع كما في استعمال صيغة أفعل في طلب الفعل والتهديد عليه على القول الآتي إنها مشتركة بينهما فلا يصح قطعا. (و) الأصح (أن جمعه باعتبارهما) أي معنييه بناء على جواز جمعه، وهو ما رجحه ابن مالك كقولك عندي عيون وتريد مثلًا باصرتين وجارية أو باصرة وجارية وذهبا. (مبني عليه) أي على ما ذكر من صحة إطلاق اللفظ المشترك المفرد عليهما معا كما أن المنع مبني على المنع، وقيل لا يبنى عليه فقط بل يأتي على القول بالمنع أيضا، لأن الجمع في قوّة تكرير المفردات بالعطف. (و) الأصح (أن ذلك) أي ما ذكر من صحة إطلاق اللفظ على معنييه معا مجاز إلى آخره. (آت في الحقيقة والمجاز) كما في قولك رأيت الأسد وتريد الحيوان المفترس والرجل الشجاع، فيكون مجازا. وقيل حقيقة ومجازا. ومنع القاضي ذلك على ما نقله عنه الأصل لما فيه من الجمع بين متنافيين حيث أريد باللفظ الموضوع له أو لا وغيره معا. وأجيب بمنع التنافي. (و) آت (في المجازين) كقولك والله لا أشتري وتريد السوم والشراء بالتوكيل فيه، وقيل لا يأتي فيهما لما مرّ، وإذا علم صحة
إطلاق اللفظ على حقيقته ومجازه. (فنحو افعلوا الخير يعم الواجب والمندوب) حملًا لصيغة افعل على الحقيقة والمجاز من الوجوب والندب بقرينة كون متعلقهما كالخير شاملًا للواجب والمندوب، وقيل يختص بالواجب بناء على أنه لا يراد المجاز مع الحقيقة. وقيل هو للقدر المشترك بين الواجب والمندوب أي مطلوب الفعل بناء على القول الآتي أن الصيغة
1 / 48