227

Ghāyat al-amānī fī al-radd ʿalā al-Nabhānī

غاية الأماني في الرد على النبهاني

Investigator

أبو عبد الله الداني بن منير آل زهوي

Publisher

مكتبة الرشد،الرياض

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢هـ- ٢٠٠١م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

كما هو الموجود في عامة الذين يحجّون إلى القبور المعظّمة ويقصدونها لطلب الحوائج، فلو أذن الرسول ﷺ لهم في زيارة قبره ومكّنهم من ذلك لأعرضوا عن حق الله الذي يستحقه من عبادته وحقه، وعن حق الرسول ﷺ الذي يستحقه من الصلاة والسلام عليه والدعاء له، بل ومن جعله واسطة بينهم وبين الله في تبليغ أمره ونهيه وخبره، فكانوا يهضمون حق الله وحق رسوله، كما فعلت النصارى، فإنهم بغلوّهم في المسيح تركوا حق الله من عبادته وحده، وتركوا حق المسيح، فهم لا يدعون له بل هو عندهم رب يدعى، ولا يقومون بحق رسالته فينظرون ما أمر به وما أخبر به، بل اشتغلوا بالشرك به وبغيره وبطلب حوائجهم من يستغيثون به من الملائكة والأنبياء وصالحيهم عما يجب من حقوقهم.
وأيضًا فلو جُعِلَتْ الصلاة والسلام عليه والدعاء له عند قبره أفضل منها في غير تلك البقعة -كما قد يكون الدعاء للميت عند قبره أفضل- لكانوا يخصون تلك البقعة بزيادة الدعاء له، وإذا غابوا عنها تنقص صلاتهم وسلامهم ودعاؤهم، فإن الإنسان لا يجتهد في الدعاء في المكان المفضول كما يجتهد في المكان الفاضل، وهم قد أمروا أن يقوموا بحق الرسول ﷺ في كل مكان، وأن لا يكون البعيد عن قبره أنقض إيمانًا وقيامًا بحقه من المجاور لقبره، وقال لهم ﷺ: "لا تتخذوا بيتي عيدًا وصلوا عليّ حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني". وقد شرع لهم أن يصلّوا عليه ويسألوا له الوسيلة إذا سمعوا المؤذن حيث كانوا؛ وأن يسلموا عليه في كل صلاة، ويصلوا عليه في الصلاة، ويسلموا عليه إذا دخلوا المسجد وإذا خرجوا منه، فهذا الذي أمروا به عام في كل مكان، وهو يوجب من القيام بحقه ورفع درجته وإعلاء منزلته ما لا يحصل لو جعل ذلك عند قبره أفضل، ولا إذا سوّي بين قبره وقبر غيره، بل إنما يحصل كمال حقه مع حق ربه بفعل ما شرعه وسنه لأمته من واجب ومستحب، وهو أن يقوموا بحق الله ثم بحق رسوله ﷺ حيث كانوا من المحبة والموالاة والطاعة وغير ذلك من الصلاة والسلام والدعاء وغير ذلك، ولا يقصد تخصيص القبر لما يفضي إليه ذلك من ترك حق الله وحق رسوله ﷺ، فهذا وغيره مما يبين أن ما نهى عنه الناس ومنعوا منه كان السلف لا يفعلونه من زيارة قبره،

1 / 232