(لا ريب فيه)
اعترضت الملحدة، وقالوا: ما معنى (لا ريب فيه) ؟
وقد نرى من يرتاب فيه، فأجاب عن هذا جماعة، فقالوا: هذا نفي معناه
النهي، أي لا ترتابوا فيه، كقوله: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) ، أي لا ترفثوا، ولا تفسقوا، ولا تجادلوا.
وقال بعضهم: تقديره لا ريب أن فيه هدى، والقول الأول فيه نظر دقيق في العربية، وذلك أن قوله: "فيه" غير متعلق بالريب، لأن ذلك يستدعي تنوين (ريب) ، بل هو متصل بمقدر كسائر الظروف، وإذا جعلته فعلا اتصل به ضرورة، اللهم إلا أن يجعل من باب ما قضيته الإعراب يخالف المعنى، كما قيل:
عجبت لمسراها وأنى تخلصت. . . إلي وباب السجن دوني مغلق
فمعنى البيت: عجت لمسراها وتخلصها إلي، والباب مغلق.
والإعراب يأبى هذا، لأن قوله: "وأنى تخلصت استفهام "، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.
والقول الثاني فيه بعد أيضا، لأن إضمار "أن " لا يجوز، لا تقول
علمت زيدا قائم، وأنت تريد علمت أن زيدا قائم.
وقيل: معناه لا سبب ريب فيه.
وقيل: لم يقصد بهذا الخبر إضافة ذلك إلى الاعتقاد والمعتقدين.
وإنما أراد أنه صدق وحق في نفسه، كقول الشاعر:
ليس في الحق يا أميمة ريب. . . إنما الريب ما يقول الكذوب
وقيل تقديره: ذلك الكتاب غير شك هدى، والجواب المرضي ما قاله:
ابن بحر: إنه نفى ما نسبوا إلى القرآن من السحر والكهانة والشعر.
Page 114