124

لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) [المؤمنون : 6] فاستعن بأنوار الأسماء الخمسة : الله الرب الرحمن الرحيم المالك ، على تأديب هذه الحواس الخمس.

أخرى : الشطر الأول من الفاتحة مشتمل على الأسماء الخمسة لله فيفيض أنوارها على الأسرار ، والشطر الثاني مشتمل على الصفات الخمس للعبد فتصعد منها أسراره إلى تلك الأنوار ويحصل للعبد معراج في قراءته ، وتقرير الأسرار أن حاجة العبد إما لدفع ضر أو جلب خير ، وكل منهما إما في الدنيا وإما في الآخرة ، فهذه أربعة ، وهاهنا قسم خامس هو الأشرف وذلك الإقبال على طاعة الله وعبوديته لا لأجل رغبة أو رهبة ، فإن شاهدت نور اسم الله لم تطلب منه شيئا سوى الله ، وإن طالعت نور الرب طلبت منه خيرات الجنة ، وإن طالعت نور الرحمن طلبت منه خيرات الدنيا ، وإن طالعت نور الرحيم طلبت منه العصمة عن مضار الآخرة ، وإن طالعت نور «مالك يوم الدين» طلبت منه الصون عن آفات الدنيا الموقعة في عذاب الآخرة أعاذنا الله منها.

أخرى : للتجلي ثلاث مراتب : تجلي الذات ( قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ) [الأنعام : 91] وهذا لعظماء الأنبياء والملائكة المقربين وهذه نهاية الأحوال ويدل عليه اسم الله ، وتجلي الصفات وهو في أواسط الأحوال ويكون للأولياء وأولي الألباب الذين ( يتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا ) [آل عمران : 191] ويدل عليه اسم الرحمن. وتجلي الأفعال والآيات وهو في بداية الأحوال ويكون لعامة العباد ( الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ) [طه : 53 54] ويدل علي لفظ الرحيم ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ) [غافر : ].

أخرى : في الفاتحة كلمتان مضافتان إلى اسم الله «بسم لله» و «الحمد لله» بسم الله لبداية الأمور والحمد لله لخواتيم الأمور ، «بسم الله» ذكر «والحمد لله» شكر ببسم الله أستحق الرحمة رحمن الدنيا ، وبالحمد لله أستحق رحمة أخرى رحيم الآخرة. كلمتان أضيف إليهما اسمان لله «رب العالمين» «مالك يوم الدين» فالربوبية لبداية حالهم ( ألست بربكم قالوا بلى ) [الأعراف : 172] والملك لنهاية حالهم ( لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ) [غافر : 16]

** وبينهما اسمان مطلقان لوسط حالهم «الراحمون يرحمهم الرحمن

ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»

Page 126