Ghara Sarica
الغارة السريعة لرد الطليعة
Genres
وأما قوله: حيث أفتاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن عدتها وضع حملها، فلا نسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفتاها بهذا اللفظ، لأن الرواية جاءت بألفاظ مختلفة كما قدمنا، فلا نسلم أن اللفظ الذي ذكره هو الواقع، بل حمل راويه على أنه غلط، وروى الحديث على المعنى الذي يعتقده أولى من حمل علي عليه السلام وابن عباس على الجهل. فالمشهور من الحديث أن سبيعة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تشكو وتستفتي أو تستأذن، فأمرها أن تتزوج، ودل بذلك على أنه قد جاز لها الزواج، ولا نسلم أنه قال: إنها حلت بالوضع، وإذا لم يكن غير أذنه لها بالزواج كان جعله خاصا بها أولى، حيث لم يثبت تعليق الحكم على الوضع، بل ترتيبه على مجيئها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشكواها، أو نحو ذلك هو المشهور المتفق عليه بين كثير من الروايات، فظهر أنه خاص بها، ولعله يعترض برواية الزهري تعليق الحكم على الوضع، والزهري عندنا متهم في هذا وأمثاله، كما حققناه مبسوطا في كتبانا <الزهري> ولو سلم أن هذا اللفظ صحيح، فلا يدل ذلك على أن عليا عليه السلام ومن معه جهلوه، بل يحتمل أنهم عرفوا أنه خاص بسبيعة بدليل خاص، فمن أين علم ابن تيمية أنهم جهلوا هذا الحديث ؟! لقد جازف واتبع هواه ؟ ثم كيف يعارض حديث: (( أنا مدينة العلم )) بهذه الأوهام والظنون ؟ ولو أنصف لجعل حديث: (( أنا مدينة العلم وعلي بابها )) دليلا على أن الصواب قول علي في مسألة الحامل المتوفى عنها، وأن ذلك دليل على أن حديث سبيعة خاص بها، وأن عليا عليه السلام علم في ذلك دليلا لا يبطله جهلنا به، ولا يسوغ لنا نفيه لعدم علمنا به، للفرق الواضح بين من هو باب مدينة العلم وغيره.
فلا يجب لابن تيمية أن ينفي دليل الخصوصية لعدم علمه به، لأنه في ذلك يكون قد جعل نفسه باب مدينة العلم، وادعا لنفسه الإحاطة بالكتاب والسنة لفظا ومعنى، وهو لا يرضى هذه المنزلة لعلي عليه السلام، فكيف يدعيها لنفسه ؟! فانظر هذا العناد من ابن تيمية ومن قلده نعوذ بالله من الخذلان.
قال مقبل (ص 151): عن ابن تيمية وأفتى هو - أي: علي عليه
السلام - وزيد وابن عمر، وغيرهم رضي الله عنهم، بأن المفوضة إذا مات عنها زوجها فلا مهر لها، ولم تكن بلغتهم سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بروع بنت واشق.
والجواب :: أن هذا رجم بالغيب، وتحقيقه قد مر في الجواب عن
هذا، لما ذكره مقبل في رياضه، وحاصله أن الرواية في بروع بنت واشق مركبة من نفي وإثبات.
أما النفي فقول الراوي: بأن زوجها لم يكن دخل بها.
وأما الأثبات فهو: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى لها بالمهر.
Page 185