12

Ghamz ʿuyūn al-baṣāʾir sharḥ kitāb al-ashbāh waʾl-naẓāʾir (Li-Zayn al-ʿĀbidīn Ibn Nujaym al-Miṣrī)

غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م

وَالْقُلُوبَ سُرُورًا،
ــ
[غمز عيون البصائر]
انْحِدَارِهَا عَنْ الْكَوَاكِبِ وَانْعِكَاسِهَا وَكُلُّ مُتَحَرِّكٍ جِسْمٌ. وَرُدَّ بِمَنْعِ حَرَكَتِهَا. وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا مُتَحَرِّكَةٌ وَفِي نُسْخَةٍ مُنْحَدِرَةً وَمُنْعَكِسَةً قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ يُحْدِثُ فِي مُقَابِلَةِ الْمُقَابِلِ دَفَعَهُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ حُدُوثُهُ مِنْ شَيْءٍ عَالٍ فِي مَكَان مُقَابِلٍ سَبَقَ إلَى الْوَهْمِ أَنَّهُ مُنْحَدِرٌ وَمُنْعَكِسٌ فَالْحَقُّ أَنَّهَا كَيْفِيَّاتٌ فَمِنْهَا مَا هُوَ ضَوْءٌ أَوَّلٌ وَهُوَ الْحَاصِلُ فِي الْجِسْمِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْمُضِيءِ لِذَاتِهِ كَضَوْءِ وَجْهِ الْأَرْضِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُسَمَّى ضِيَاءٌ إنْ قَوِيَ وَشُعَاعًا إنْ ضَعُفَ وَمِنْهَا مَا هُوَ ثَانٍ وَهُوَ الْحَاصِلُ فِي الْجِسْمِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْمُضِيءِ بِالْغَيْرِ كَالضَّوْءِ الْحَاصِلِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَقْتَ الْإِسْفَارِ وَعَقِيبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ صَارَ مُضِيئًا بِالْهَوَى الَّذِي صَارَ مُضِيئًا بِالشَّمْسِ وَكَالضَّوْءِ الْحَاصِلِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَقْتَ الْإِسْفَارِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْقَمَرِ وَيُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ نُورًا وَالْكَلَامُ مُشْتَمِلٌ عَلَى تَشْبِيهِ الْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ بِوَجْهٍ تَخْيِيلِيٍّ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْبِدْعَةُ وَكُلُّ مَا هُوَ جَهْلٌ يَجْعَلُ صَاحِبَهَا كَمَنْ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ فَلَا يَهْتَدِي لِلطَّرِيقِ وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَنَالَ مَكْرُوهًا شُبِّهَتْ الْبِدْعَةُ بِالظُّلْمَةِ فَلَزِمَ أَنْ يُشَبَّهَ عِلْمُ الشَّرِيعَةِ وَكُلُّ مَا هُوَ عِلْمٌ وَهِدَايَةٌ بِالنُّورِ. وَشَاعَ هَذَا حَتَّى تُخُيِّلَ أَنَّهُ مِمَّا لَهُ بَيَاضٌ وَإِشْرَاقٌ كَذَا فِي التَّقْرِيرِ. أَقُولُ عَلَى هَذَا كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْقُلُوبِ دُونَ الْعُيُونِ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلنُّورِ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَأَنْ يُعَبِّرَ فِي الْفِقْرَةِ الَّتِي بَعْدَهَا بِالنُّفُوسِ بَدَلَ الْقُلُوبِ دُونَ الْعُيُونِ وَاعْلَمْ أَنَّ النُّور مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَلَهُ سِرٌّ عَظِيمٌ مَنْ كَتَبَهُ هَكَذَا " ن ور " خَمْسَ مَرَّاتٍ وَعَلَّقَهُ عَلَى مَنْ شَكَا وَجَعَ مَعِدَتِهِ وَخَفَقَانَ قَلْبِهِ أَزَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يَشْكُوهُ وَإِذَا وُضِعَ عَلَى مَوْضِعِ أَلَمٍ سَكَنَ.
(١٣) وَالْقُلُوبَ سُرُورًا: الْقُلُوبُ جَمْعُ قَلْبٍ وَهُوَ الْفُؤَادُ أَوْ أَخُصُّ مِنْهُ وَالْعَقْلُ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ الْقَلْبُ مُضْغَةٌ فِي الْفُؤَادِ مُعَلَّقَةٌ بِالنِّيَاطِ فَهُوَ أَخُصُّ مِنْ الْفُؤَادِ وَفِي الصِّحَاحِ أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ. قَالَ الْبَدْرُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَحْسَنُ قَوْلُ غَيْرِهِ الْفُؤَادُ غِشَاءُ الْقَلْبِ وَالْقَلْبُ حَبَّةُ سُوَيْدَاهُ وَيُؤَيِّدُ الْفَرْقَ قَوْلُهُ ﷺ (أَلْيَنَ قُلُوبًا وَأَرَقَّ أَفْئِدَةً) وَفِي شَرْحِ الشِّفَاءِ لِلسَّيِّدِ عِيسَى الصَّفَوِيِّ أَنَّ الْفُؤَادَ ثَابِتٌ فِي الْجَنْبِ الْأَيْسَرِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَنَّهُ مَحِلُّ الْعِلْمِ، وَالْقُوَّةِ الْمُدْرِكَةِ قَائِمَةٌ بِهِ، لَا بِالدِّمَاغِ (انْتَهَى) . وَهُوَ مَنْبَعُ الْحَيَاةِ وَعُنْصُرٌ لِحَرَارَةِ الْجِسْمِ وَلِتَحْقِيقِ أَنَّهُ سِرٌّ لَطِيفٌ بِهِ يُدْرِكُ الْإِدْرَاكَ وَيُعَبِّرُ عَنْهُ بِهَذِهِ الْجَارِحَةِ تَقْرِيبًا لِلْأَذْهَانِ. قِيلَ وَيُسَمَّى الْقَلْبُ قَلْبًا لِتَقَلُّبِهِ وَعَلَيْهِ قَوْلُ بَعْضِ الْأُدَبَاءِ:

1 / 20