منذ أيام، وقفت في الطريق أمام بيتنا جوقة نور، فيها المنشد، وفيها ضارب الصنج، وصبية ترقص. ولا أدري لماذا استوقفني ذلك المشهد التافه، ورحت أحس أن في ذاكرتي شيئا يشرئب ويموج. في اليوم الثاني استعدت بيتين من الزجل كنت نسيتهما، واستثارتهما النورية الصبية الراقصة:
لا تكذبي شو سارقه ومنين
زغاليل حمام اثنين بعبابك
رح يفطسوا، فكيلهم زرين
مناقيدهم رح يخزقوا ثيابك
وكلمات ثارت الفتن الطائفية أردد: «اقتتالنا على السماء أفقدنا الأرض.»
وفي كل يوم يكتسب بيت شوقي معنى جديدا:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
إن أفصح كلمة سمعتها في حياتي جاءت على لسان قروي من ضيعتي، كان يصف معركة بينه وبين أبناء عمه، كان وحيدا، وكانوا - على روايته - كثرة، فلما أراد أن ينزل إليهم لينازلهم وصف عمله بقوله: «تجمهرت»، ونزلت إليهم.
Unknown page