فقد بلغته الْحجَّة وَلَكِن أصل الْإِشْكَال أَنكُمْ لم تفَرقُوا بَين قيام الْحجَّة وَفهم الْحجَّة فَإِن الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ لم يفهموا حجَّة الله مَعَ قِيَامهَا عَلَيْهِم كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿أم تحسب أَن أَكْثَرهم يسمعُونَ أَو يعْقلُونَ﴾ إِلَى قَوْله ﴿سَبِيلا﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَجَعَلنَا على قُلُوبهم أكنة أَن يفقهوه وَفِي آذانهم وقرا﴾ فقيام الْحجَّة وبلوغها نوع وفهمها نوع آخر وكفرهم الله ببلوغها إيَّاهُم مَعَ كَونهم لم يفهموها إِلَى آخر كَلَامه رَحمَه الله تَعَالَى
وَأما قَوْله عَن الشَّيْخ مُحَمَّد ﵀ أَنه لَا يكفر من كَانَ على قبَّة الكواز وَنَحْوه وَلَا يكفر الوثني حَتَّى مَا يَدعُوهُ وتبلغه الْحجَّة
فَيُقَال نعم فَإِن الشَّيْخ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لم يكفر النَّاس ابْتِدَاء إِلَّا بعد قيام الْحجَّة والدعوة لأَنهم إِذْ ذَاك فِي زمن فَتْرَة وَعدم علم بآثار الرسَالَة وَلذَلِك قَالَ لجهلهم وَعدم من ينهاهم فَأَما إِذا قَامَت الْحجَّة فَلَا مَانع من تكفيرهم وَإِن لم يفهموها وَفِي هَذِه الْأَزْمَان خُصُوصا فِي جهتكم قد قَامَت الْحجَّة على من هُنَاكَ واتضحت لَهُم المحجة وَلم يزل فِي تِلْكَ الْبِلَاد من يَدْعُو إِلَى تَوْحِيد الله ويقرره ويناضل عَنهُ ويقرر مَذْهَب السّلف وَمَا دلّت عَلَيْهِ النُّصُوص من الصِّفَات الْعلية والأسماء القدسية وَيرد مَا يشبه بِهِ
1 / 160