أَأَذكر حاجتي أم قد كفاني ... حباؤك إنَّ شيمتك الحِباءُ
إذا أثنى عليك المرء يومًا ... كفاهُ من تعرُّضه الثناءُ
كريمٌ لا يغيِّرهُ صباحٌ ... عن الخُلُقِ الجميل ولا مساءُ (^١)
فهذا مخلوقٌ اكتفى من مخلوقٍ بالثناء عليه، فكيف بالخالق سبحانه؟!
قلتُ: الدعاء يراد به دعاء المسألة، ودعاء العبادة، والمُثْنِي على ربه بحمده وآلائه داع له بالاعتبارين؛ فإنه طالبٌ منه، وطالبٌ له، فهو الداعي حقيقة، قال تعالى: ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٦٥)﴾ [غافر/ ٦٥].
وروي ابن ماجة في سننه من حديث عبد الله بن عمر، أن رسول الله ﷺ حدَّثَهم:
"أن عبدًا من عباد الله قال: يا ربِّ، لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك، فعظُمَت بالملكين، فلم يَدْريا كيف يكتبانها، فصَعَدا إلى السماء فقالا: يا رب؛ إن عبدك قال مقالةً لا ندري كيف نكتبها، قال الله ﷿ -وهو أعلم بما قال عبده-: ماذا قال عبدي؟ قالا: يا رب؛ إنه قال: يا ربِّ؛ لك الحمدُ كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، فقال الله ﷿ اكتباها كما قال عبدي حتى يلقاني فأجزيه بها" (^٢).
_________
(^١) ديوان أمية بن أبي الصلت ١٧.
(^٢) أخرجه: ابن ماجه رقم ٢٨٦٩، والطبراني (الكبير) ١٢/ ٢٦٤ رقم ١٣٢٩٧، و(الأوسط) رقم ٩٢٤٥، و(الدعاء) رقم ١٧٠٨، وابن مردويه في جزئه الذي انتقاه على الطبرانى رقم ١٦٩، والبيهقي (شعب الإيمان) رقم ٤٠٧٧. =
1 / 39