سَلامُ اللَّهِ وَتَحِيَّاتُهُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَى إِخْوَانِي مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ بِأُمِّ الشَّامِ دِمَشْقَ حَمَاهَا اللَّهُ مِنْ حَوَادِثِ الأَيَّامِ
أَمَّا بَعْدُ
فَإِنَّ كِتَابَكُمْ وَرَدَ عَلَيَّ فِي شَهْرِ اللَّهِ الأَصَمِّ رَجَبٍ من سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وخمسمئة فسررت بوروده ووقفت على فصوله وعقوده وشكرت الله على وَسَأَلته أَن يثبت فِي السّنة أقدامكم وَيجْرِي فِي حِفْظِهَا وَنَشْرِهَا أَقْلامُكُمْ وَأَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْحَوَادِثِ وَالْفِتَنِ وَالْكَوَارِثِ وَالْمِحَنِ فِي مَعْقِلٍ لَا يُرَامُ وَمَوْئِلٍ لَا يُنَالُ وَلا يُضَامُ
فَأَما مَا ذكرْتُمْ فِي الْكتاب من تغير الزَّمَانِ وَانْتِكَاسِهِ وَتَقَلُّبِهِ وَانْعِكَاسِهِ وَدُثُورِ السُّنَّةِ وَخُمُولِهَا وَظُهُورِ الْبِدْعَةِ وَشُمُولِهَا وَمَا حَدَثَ هُنَالِكَ بَيْنَ الْأَصْحَاب من التناكر وَالتَّحَاسُدِ وَالتَّدَابُرِ وَالتَّبَاعُدِ وَمَا يُقَارِبُ هَذِهِ الْحَوَادِثَ وَيُدَانِيهَا وَيُنَاسِبُهَا وَيُضَاهِيهَا فَإِنَّهَا مُصِيبَةٌ ظَهَرَتْ فِي الأَقْطَارِ وَبَلِيَّةٌ انْتَشَرَتْ فِي سَائِرِ الْقُرَى وَالأَمْصَارِ نَعُوذ بِاللَّه من الْحور بعد الكور وَمِنَ الْكُفْرِ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمِنَ الشَّكِّ بَعْدَ الإيقان
(وقدعاد مَاءُ الأَرْضِ بَحْرًا فَزَادَنِي ... إِلَى حُزْنِي أَنْ أُبْحِرَ الْمَشْرَبَ الْعَذْبَ)
قَدِ اسْتَخَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى وَذَكَرْتُ فِي جَوَابِ كِتَابِكُمْ مَا تَيَسَّرَ عَلَى سَبِيلِ الإِيجَازِ وَالاخْتِصَارِ دُونَ الإِطَالَةِ وَالإِكْثَارِ لأَنِّي ذكرت هَذَا
1 / 34