فقال له ساخرا: «هل يروقك أن تموت في ثيابك؟»
فصاح الشاب مولولا: «الرحمة .. أنا في عرضك.»
فقال بلهجة رقيقة: «ارتد ثيابك أيها الشاب، ولا تخش أذى.»
فلم يطمئن العاشق إلى قوله، وتوسل إليه بصوته الباكي المرتعب: «ارحمني!»
فقال له يطمئنه ويشجعه: «ارتد ثيابك أيها الشاب ولا تخش أذى .. تقدم، إني أعني ما أقول.»
ولكنه لم يتحرك من مكانه، واشتدت الرجفة بجسمه حتى خاله سيصعق صعقا، فسار بنفسه إلى الشيزلنج وأتى له بثيابه وقدمها إليه قائلا بسخرية: «أتحب أن أساعدك على ارتدائها؟» فأسرع في دفعة يحشر جسمه حشرا في ثيابه، فانتهى في ثوان، كان شكله زريا مضحكا؛ فشعر رأسه المدهون بالفازلين يبرز مبعثرا من حافة الطربوش، وأزرار البنطلون مفككة والقميص يتدلى من بينها، والحذاء لم يعقد رباطه. ولكنه كان في غيبوبة ذاهلة، فنظر إلى الزوج نظرة تسليم ويأس، وقال له: أنا تحت أمرك.
وهز الرجل كتفيه استهانة، وقال: وماذا أصنع بك؟ لا فائدة لي فيك .. استأذن الهانم .. فإذا أذنت لك انصرف مصحوبا بالسلامة.
فألقى إليه الشاب بنظرة كأنها تقول: لم التعذيب؟ .. اقتلني إن شئت، ولكن بسرعة. وقد فهم معناها، فهز كتفيه مرة أخرى بهزء، وقال: ألا تريد أن تذهب؟ ألم تسمع بعد؟ ألا تزال لك رغبة فيها؟
فاشتد الارتباك بالشاب، ورأى الزوج يوسع له الطريق فتحرك بخطوات بطيئة، وهو لا يصدق ما يسمع وما يرى. ولما صار بإزائه أحس بيده توضع على كتفه فانتفض رعبا وتوقع شرا، ولكن الرجل بادره قائلا: لا تخف .. ستذهب كما تشاء ولكن أين؟
قال هذا، وبسط إليه كفه، فنظر إليه العاشق مرتبكا متسائلا .. فقال: الثمن.
Unknown page