Futuhat Makkiyya
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Edition Number
الأولى
Publication Year
1418هـ- 1998م
Publisher Location
لبنان
فاعلم أولا أن هذه الحروف لما كانت مثل العالم المكلف الإنساني المشاركة له في الخطاب لا في التكليف دون غيره من العالم لقبولها جميع الحقائق كالإنسان وسائر العالم ليس كذلك فمنهم القطب كما منا وهو الألف ومقام القطب منا الحياة القيومية هذا هو المقام الخاص به فإنه سار بهمته في جميع العالم كذلك الألف من كل وجه من وجه روحانيته التي ندركها نحن ولا يدركها غيرنا ومن حيث سريانه نفسا من أقصى المخارج الذي هو منبعث النفس إلى آخر المنافس ويمتد في الهواء الخارج وأنت ساكت وهو الذي يسمى الصدى فتلك قيومية الألف لا أنه واقف ومن حيث رقمه فإن جميع الحروف تنحل إليه وتتركب منه ولا ينحل هو إليها كما ينحل هو أيضا إلى روحانيته وهي النقطة تقديرا وإن كان الواحد لا ينحل فقد عرفناك ما لأجله كان الألف قطبا وهكذا تعمل فيما نذكره لك بعد هذا إن أردت أن تعرف حقيقته ' والإمامان ' الواو والياء المعتلتان اللذان هما حرفا المد واللين لا الصحيحتان ' والأوتاد ' أربعة الألف والواو والياء والنون الذين هم علامات الإعراب ' والإبدال ' سبعة الألف والواو والياء والنون وتاء الضمير وكافه وهاؤه فالألف ألف رجلان والواو واو العمرون والياء ياء العمرين والنون نون يفعلون وسر النسبة بيننا وبينهم في مرتبة الإبدال كما بينا في القطب أن التاء إذا غابت من قمت تركت بدلها فقال المتكلم قام زيد فنابت بنفسها مناب الحروف التي هي اسم هذا الشخص المخبر عنه ولو كان الاسم مركبا من ألف حرف ناب الضمير مناب تلك الحروف لقوة حروف الضمائر وتمكنها واتساع فلكها فلو سميت رجلا يا دار مية العلياء فالسند فقد نابت التاء أو الكاف أو الهاء مناب جملة هذه الحروف في الدلالة وتركته بدلها أو جاءت بدلا منها كيفما شئت وإنماصح لها هذا لكونها تعلم ذلك ولا يعلمه من هي بدل منه أو هو بدل عنها فلهذا استحقت هي وأخواتها مقام الأبدال ومدرك من أين علم هذا موقوف على الكشف فابحث عليه بالخلوة والذكر والهمة وإياك أن تتوهم تكرار هذه الحروف في المقامات أنها شيء واحد له وجوه إنما هي مثل الأشخاص الإنسانية فليس زيد بن علي هو عين أخيه زيد بن علي الثاني وإن كانا قد اشتركا في البنوة والإنسانية ووالدهما واحد ولكن بالضرورة نعلم أن الأخ الواحد ليس عين الأخ الثاني فكما يفرق البصر بينهما والعلم كذلك يفرق العلم بينهما في الحروف عند أهل الكشف من جهة الكشف وعند النازلين عن هذه الدرجة من جهة المقام التي هي بدل عن حروفه ويزيد صاحب الكشف على العالم من جهة المقام بأمر آخر لا يعرفه صاحب علم المقام المذكور وهو مثلا قلت إذا كررته بدلا من اسم بعينه فتقول لشخص بعينه قلت كذا وقلت كذا فالتاء عند صاحب الكشف التي في قلت الأول غير التاء التي في قلت الثاني لأن عين المخاطب تتجدد في كل نفس بل هم في لبس من خلق جديد فهذا شأن الحق في العالم مع أحدية الجوهر وكذلك الحركة الروحانية التي عنها أوجد الحق تعالى التاء الأولى غير الحركة التي أوجد عنها التاء الأخرى بالغا ما بلغت فيختلف معناها بالضرورة فصاحب علم المقام يتفطن لاختلاف علم المعنى ولا يتفطن لاختلاف التاء أو أي حرف ضميرا كان أو غير ضمير فإنه صاحب رقم ولفظ لا غير كما تقول الأشاعرة في الأعراض سواء فالناس مجمعون معهم على ذلك في الحركة خاصة ولا يصلون إلى علم ذلك في غير الحركة فلهذا أنكروه ولم يقولوا به ونسبوا القائل بذلك إلى الهوس وإنكار الحس وحجبوا عن إدراك ضعف عقولهم وفساد محل نظرهم وقصورهم عن التصرف في المعاني فلو حصل لهم الأول عن كشف حقيقي من معدنه لانسحبت تلك الحقيقة على جميع الأعراض حكما عاما لا يختص بعرض دون عرض وإن اختلفت أجناس الأعراض فلا بد من حقيقة جامعة وحقيقة فاصلة وهكذا هذه المسئلة التي ذكرناها في حق من قال بما قلناه فيها ومن أنكره فليس المطلوب عند المحققين الصور المحسوسة لفظا ورقما وإنما المطلوب المعاني التي تضمنها هذا الرقم أو هذا اللفظ وحقيقة اللفظة والمرقوم عينها فإن الناظر في الصور إنما هو روحاني فلا يقدر أن يخرج عن جنسه فلا تحجب بأن ترى الميت لا يطلب الخبز لعدم السر الروحاني منه ويطلبه الحي لوجود الروح فيه فتقول نراه يطلب غير جنسه فاعلم أن في الخبز والماء وجميع المطاعم والمشارب والملابس والمجالس أرواحا لطيفة غريبة هي سر حياته وعلمه وتسبيحه ربه وعلو منزلته في حضرة مشاهدة خالقه وتلك الأرواح أمانة عند هذه الصور المحسوسة يؤدونها إلى هذا الروح المودع في الشبح ألا ترى إلى بعضهم كيف يوصل أمانته إليه الذي هو سر الحياة فإذا أدى إليه أمانته خرج إما من الطريق الذي دخل منه فيسمى قيئا وقلسا وإما من طريق آخر فيسمى عذرة وبولا فما أعطاه الأسم الأول إلا السر الذي أداه إلى الروح وبقي باسم آخر يطلبه من أجله صاحب الخضروات والمدبرين أسباب الاستحالات هكذا يتقلب في أطوار الوجود فيعرى ويكتسي ويدور بدور الأكرة كالدولاب إلى أن يشاء الله العليم الحكيم فالروح معذور في تعشقه بهذه المحسوسات فإنه عاين مطلوبه فيها فهي في منزل محبوبه . يطلبه الحي لوجود الروح فيه فتقول نراه يطلب غير جنسه فاعلم أن في الخبز والماء وجميع المطاعم والمشارب والملابس والمجالس أرواحا لطيفة غريبة هي سر حياته وعلمه وتسبيحه ربه وعلو منزلته في حضرة مشاهدة خالقه وتلك الأرواح أمانة عند هذه الصور المحسوسة يؤدونها إلى هذا الروح المودع في الشبح ألا ترى إلى بعضهم كيف يوصل أمانته إليه الذي هو سر الحياة فإذا أدى إليه أمانته خرج إما من الطريق الذي دخل منه فيسمى قيئا وقلسا وإما من طريق آخر فيسمى عذرة وبولا فما أعطاه الأسم الأول إلا السر الذي أداه إلى الروح وبقي باسم آخر يطلبه من أجله صاحب الخضروات والمدبرين أسباب الاستحالات هكذا يتقلب في أطوار الوجود فيعرى ويكتسي ويدور بدور الأكرة كالدولاب إلى أن يشاء الله العليم الحكيم فالروح معذور في تعشقه بهذه المحسوسات فإنه عاين مطلوبه فيها فهي في منزل محبوبه .
أمر على الديار ديار سلمى . . . أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار مضى بقلبي . . . ولكن حب من سكن الديارا
وقال أبو إسحق الزوالي رحمه الله
يا دار إن غزالا فيك تيمني . . . لله درك ما تحويه يا دار
Page 124