Futuhat Makkiyya
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Edition Number
الأولى
Publication Year
1418هـ- 1998م
Publisher Location
لبنان
ثم استيقظت . وحكى لي في هذه الرؤيا أني فرحت بجوابه فلما أكمل ذكره فرحت بهذه المبشرة التي رآها في حقي وبهيئة الاضطجاع وذلك رقاد الأنبياء عليهم السلام وهي حالة المستريح الفارغ من شغله والمتأهب لما يرد عليه من أخبار السماء بالمقابلة فاعلم أن الصاد حرف من حروف الصدق والصون والصورة وهو كري الشكل قابل لجميع الأشكال فيه أسرار عجيبة فتعجبت من كشفه في نومه قرت عينه على حالتي التي ذكرتها للأصحاب بالأمس في المجلس فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب حرف شريف عظيم أقسم عند ذكره بمقام جوامع الكلم وهو المشهد المحمدي في أوج الشرف بلسان التمجيد وتضمنت هذه السورة من أوصاف الأنبياء عليهم السلام ومن أسرار العالم كله الخفية عجائب وآيات وهذه الرؤيا فيها من الأسرار على حسب ما في هذه السورة من الأسرار فهي تدل على خير كثير جسيم يناله الرائي ومن ريئت له وكل من شوهد فيها من الله تعالى ويحصل لهما من بركات الأنبياء عليهم السلام المذكورين في هذه السورة ويلحق الأعداء من الكفار ما في هذه السورة من البؤس لا من المؤمنين نسأل الله لنا ولهم العافية في الدنيا والآخرة فهذه بشرى حصلت وأسرار أرسلها الحق إلينا على يد هذا الرائي وذكر لي الرائي صاحبنا أبو يحيى إنه لما استيقظ تمم على البيتين اللذين أنشدهما لي في النوم قريضا فسألته أن يرسل إلي به حتى أقيده في كتابي هذا عقيب هذه الرؤيا وفي هذا الحرف فإن ذلك القريض من أمداد هذه الحقيقة الروحانية التي رآها في النوم فأردت أن لا أفصل بينهما فبعثت معه صاحبنا أبا عبد الله محمد بن خالد الصوفي التلمساني فجاءني بها وهي هذه :
الصاد حرف شريف . . . والصاد في الصاد أصدق
قل ما الدليل أجده . . . في داخل القلب ملصق
لأنها شكل دور . . . وما من الدور أسبق
ودل هذا بأني . . . على الطريق موفق
حققت في الله قصدي . . . والحق يقصد بالحق
إن كان في البحر عمق . . . فساحل القلب أعمق
إن ضاق قلبك عني . . . فقلب غيرك أضيق
دع القرونة واقبل . . . من صادق يتصدق
ولا تخالف فتشقى . . . فالقلب عندي معلق
أفتحه أشرحه وافعل . . . فعل الذي قد تحقق
إلى متى قاسى القل . . . ب باب قلبك مغلق
وفعل غيرك صاف . . . ووجه فعلك أزرق
إنا رفقنا فرفقا . . . فالرق في الرفق أرفق فإن أتيت كسونا . . . ك ثوب لطف معتق
ولا تكن كجرير . . . إذ ظل يهجو الفرزدق
والهج بمدحي فمدحي . . . من مشرق الشمس أشرق
أنا الوجود بذاتي . . . ولي الوجود المحقق
من غير قيد كعلمي . . . على الحقيقة مطلق
فهل ترى الشاه يوما . . . يكيدها فرد ميذق
من قال في برأي . . . فقائل الرأي أحمق
إن ظل يهذي لوهم . . . رأيته يتشدق
وكل من قال قولا . . . فالذكر من ذاك أصدق
أنا المهيمن ذو العر . . . ش لا أبيد وأخلق
بعثت للخلق رسلي . . . وجاء أحمد بالحق
فقام في بصدق . . . وحين أرعد أبرق
مجاهدا في الأعادي . . . وناصحا ما تفتق
Page 116