159

ثم حمل[ (1) ]، فلم يزل يقاتل حتى قتل-رحمة الله عليه -، ثم تقدم الثالث ثم حمل[ (2) ]، فقاتل حتى قتل-رحمة الله عليه-، ثم تقدم الرابع ثم حمل[ (3) ]، فلم يزل يقاتل حتى قتل-رحمة الله عليه-، قال: فقتل أولاد الخنساء هؤلاء الأربعة وما دمعت لها عين، وذلك يوم النفاذ.

قال: واشتدت الحرب واقتتلوا قتالا شديدا ليس بالدون، وارتفع التكبير من المسلمين والعطعطة والنعير من الكافرين، وكان أبو محجن الثقفي محبوسا في قصر القادسية، وذلك أن سعد بن أبي وقاص هو الذي حبسه، وكان السبب في ذلك أن أبا محجن كان لهجا بشرب الخمر.

خبر أبي محجن الثقفي وحبسه وتوبته

وقد كان سعد بن أبي وقاص أقام عليه الحد مرارا، وكان السبب في هذا الحبس أنه أشرف عليه يوما وأظنه كان متنبذا فسمعه يتكلم، قال: فلما سمعه سعد بن أبي وقاص يقول أبياتا[ (4) ]دنا منه ثم قال: يا أبا محجن!إنك لفي ضلالك القديم، ثم أمر به فقيد، وحبسه معه في القصر بالقادسية. فلما كان ذلك اليوم [ (1) ]وكان يرتجز (الاستيعاب-الإصابة) :

إن العجوز ذات حزم وجلد # والنظر الأوفق والرأي السدد

قد أمرتنا بالسداد والرشد # نصيحة منها وبرا بالولد

فباكروا الحرب حماة في العدد # إما لفوز بارد على الكبد

[ (2) ]وكان يرتجز:

والله لا نعصي العجوز حرفا # قد أمرتنا حربا وعطفا

فبادروا الحرب الضروس زحفا # حتى تلفوا آل كسرى لفا

[ (3) ]وكان يرتجز:

لست لخنساء ولا لأخرم # ولا لعمرو ذي السناء الأقدم

إن لم أرد في الجيش جيش الأعجم # ماض على الهول خضم خضرم

[ (4) ]في مروج الذهب 2/348 عن أبي محجن قال: والله ما حبسني بحرام أكلته ولا شربته، ولكني كنت صاحب شراب في الجاهلية، وأنا امرؤ شاعر يدب الشعر على لساني فأصف القهوة.. فألتذ بمدحها. فلذلك حبسني لأني قلت فيها:

إذا مت فادفني إلى جنب كرمة # تروي عظامي بعد موتي عروقها

ولا تدفنني بالفلاة فإنني # أخاف إذا ما مست ألا أذوقها

(وانظر الكامل لابن الأثير 2/115) .

Page 163