أني حامل على هذا الأعجمي، فإن بدرته بالصمصامة[ (1) ]، فهي نفسه لا شك في ذلك، وإن بدرني بسيفه فصرعني عن فرسي فلا عليكم، ذروني وإياه فإنه لا يصل إلي حتى أقتله على كل حال.
قال: ثم استوى على الفرس وخرج نحو الأعجمي فنظر إليه شاهنشاه فحمل عليه، والتقيا بضربتين وقعت ضربة شاهنشاه في درقة[ (2) ]عمرو، ووقعت ضربة عمرو في رأس شاهنشاه فقطع تاجه مع هامته فجدله قتيلا. قال: ثم نزل إليه عمرو فسلبه تاجه وما كان عليه من ثيابه وسلاحه، ثم استوى على فرسه.
قال: فاقتتل الفريقان قتالا شديدا إلى أن جاء الليل، فحجز بين الفريقين.
فلما كان من غددنا القوم بعضهم من بعض، وأقبلت خنساء على أربعة أولادها رجال جلاد فقالت لهم[ (3) ]: يا بني!أنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ووالله إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة، ووالله ما هجنت حسبكم ولا فضحت حالتكم[ (4) ]، وقد ترون ما أعدت الأعاجم للمسلمين، فإذا دنوتم من الحرب فباشروا خميسها ويمموا وسيطها وجادلوا رائسها تظفروا بالغنم والسلامة والزلفة والكرامة في دار الفوز والمقامة!قال: فقبل بنوها قولها. فلما دنا القوم بعضهم من بعض تقدم ابنها الأول ثم حمل[ (5) ]، فلم يزل يقاتل حتى قتل-رحمة الله عليه-، ثم تقدم الثاني [ (1) ]كذا بالأصل. وفي الصمصامة قال ابن الكلبي: إن النبي كان قد وجه خالد بن سعيد بن العاص إلى اليمن فمر برهط عمرو بن معدي كرب فأغار عليهم فسبى امرأة عمرو وعدة من قومه، ثم من عليها وأطلقها بعد أن وهبه عمرو سيفه الصمصامة. وقد استشهد خالد يوم المرج وفي عنقه الصمصامة فأخذ معاوية السيف من عنقه فكان عنده، ثم نازعه فيه سعيد بن العاصي بن أمية فقضى لديه عثمان فلم يزل عنده... إلى أن صار إلى المهدي ثم صار إلى موسى الهادي (فتوح البلدان ص 126) .
[ (2) ]الدرقة: الحجفة وهي ترس من جلود ليس فيه خشب ولا عقب والجمع درق وأدراق ودراق (اللسان) .
[ (3) ]الاستيعاب 4/296 أسد الغابة 5/442 الإصابة 4/288. باختلاف بين النصوص.
[ (4) ]في الاستيعاب وأسد الغابة: خالكم، وفي الإصابة: أخوالكم.
[ (5) ]وهو يرتجز ويقول: (الاستيعاب-الإصابة) :
يا إخوتي إن العجوز الناصحة # قد نصحتنا إذ دعتنا البارحة
مقالة ذات بيان واضحة # فباكروا الحرب الضروس الكالحة
وإنما تلقون عند الصائحة # من آل ساسان الكلاب النابحة
Page 162