Futuh Misr wa-al-Magrib

Ibn ʿAbd al-Hakam d. 257 AH
90

Futuh Misr wa-al-Magrib

فتوح مصر والمغرب

Publisher

مكتبة الثقافة الدينية

يعرفه، ويحكم! أما يرضى أحدكم أن يكون آمنا فى دهره على نفسه وماله وولده بدينارين فى السنة! ثم أقبل المقوقس إلى عمرو بن العاص، فقال له: إنّ الملك قد كره ما فعلت وعجّزنى، وكتب إلىّ وإلى جماعة الروم ألا نرضى بمصالحتك، وأمرهم بقتالك حتى يظفروا بك أو تظفر بهم، ولم أكن لأخرج مما دخلت فيه وعاقدتك عليه، وإنما سلطانى على نفسى ومن أطاعنى، وقد تمّ صلح القبط فيما بينك وبينهم؛ ولم يأت من قبلهم نقض، وأنا متمّ لك على نفسى، والقبط متمّون لك على الصلح الذي صالحتهم عليه وعاهدتهم، وأما الروم فأنا منهم برئ. وأنا أطلب إليك أن تعطينى ثلاث خصال. قال له عمرو: ما هنّ؟ قال: لا تنقض بالقبط، وأدخلنى معهم وألزمنى ما لزمهم، وقد اجتمعت كلمتى وكلمتهم على ما عاهدتك عليه، فهم متمّون لك على ما تحبّ. وأما الثانية إن سألك الروم بعد اليوم أن تصالحهم فلا تصالحهم حتى تجعلهم فيئا وعبيدا، فإنهم أهل ذلك، لأنى «١» نصحتهم فاستغشّونى، ونظرت لهم فاتّهمونى. وأما الثالثة، أطلب إليك إن أنا متّ، تأمرهم يدفنونى فى أبى يحنّس بالإسكندرية. فأنعم له عمرو بن العاص بذلك وأجابه إلى ما طلب، على أن يضمنوا له الجسرين جميعا، ويقيموا لهم الأنزال والضيافة والأسواق والجسور؛ ما بين الفسطاط إلى الإسكندرية ففعلوا. وقال عثمان: وصارت لهم القبط أعوانا كما جاء فى الحديث. ويقال: إن المقوقس إنما صالح عمرو بن العاص على الروم وهو محاصر الإسكندرية. حدثنا يحيى بن خالد العدوىّ، عن الليث بن سعد، أن عمرو بن العاص لما فتح «٢» الإسكندرية حاصر أهلها ثلاثة أشهر، وألحّ عليهم، وخافوه، وسأله المقوقس الصلح عنهم كما صالحه على القبط على أن يستنظر رأى الملك. قال فحدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أن

1 / 95