يبق إلّا العبيد والأجراء لم يصبرن عن الرجال فطفقت المرأة تعتق عبدها وتتزوّجه، وتتزوّج الأخرى أجيرها، وشرطن على الرجال ألا يفعلوا شيئا إلّا بإذنهنّ فأجابوهنّ إلى ذلك؛ فكان أمر النساء على الرجال.
قال عثمان: فحدّثنى ابن لهعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن القبط على ذلك إلى اليوم، اتّباعا لمن مضى منهم؛ لا يبيع أحدهم ولا يشترى إلّا قال: أستأمر امرأتى.
فملكتهم دلوكة بنت زبّا عشرين سنة تدبّر أمرهم بمصر، حتى بلغ صبىّ من أبناء أكابرهم وأشرافهم يقال له دركون بن بلوطس، فملّكوه عليهم، فلم تزل مصر ممتنعة بتدبير تلك العجوز نحوا من أربعمائة سنة.
قال ثم مات دركون بن بلوطس، فاستخلف ابنه بودس بن دركون، ثم توفّى بودس بن دركون، فاستخلف أخاه لقاس بن تدارس، فلم يمكث إلّا ثلاث سنين حتى مات، ولم يترك ولدا فاستخلف أخاه مرينا بن مرينوس.
قال ثم توفّى مرينا بن مرينوس، فاستخلف استمارس بن مرينا، فطغى وتكبّر وسفك الدم، وأظهر الفاحشة، فأعظموا ذلك، وأجمعوا على خلعه فخلعوه، وقتلوه وبايعوا رجلا من أشرافهم يقال له بلوطس بن مناكيل، فملكهم أربعين سنة، ثم توفّى بلوطس بن مناكيل، فاستخلف ابنه مالوس بن بلوطس.
ثم توفّى مالوس بن بلوطس، فاستخلف أخاه مناكيل بن بلوطس بن مناكيل فملكهم زمانا ثم توفّى، فاستخلف ابنه بولة بن مناكيل، فملكهم مائة سنة وعشرين، وهو الأعرج الذي سبى ملك بيت المقدس، وقدم به إلى مصر، وكان بولة قد تمكّن فى البلاد، وبلغ مبلغا لم يبلغه أحد ممّن كان قبله بعد فرعون، وطغى فقتله الله تعالى، صرعته دابّته، فدقّت عنقه فمات.
حدثنا أسد بن موسى، عن خالد بن عبد الله، حدثنا الكلاعىّ، عن تبيع، عن كعب، قال: لمّا مات سليمان بن داود ﵇ ملك بعده مرحب عمّ سليمان فسار إليه ملك مصر، فقاتله، وأصاب الأترسة الذهب التى عملها سليمان ﵇، فذهب بها*) .
وأخبرنى شيخ من أهل مصر من أهل العلم أن المخلوع الذي خلعه أهل مصر إنما
1 / 49