95

عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه . فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو وتقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى ، وهو من الخصائص الإلهية ، إحياء النطق لا إحياء الحيوان ، بقي الناظر حائرا ، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر(1) الإلهي .

فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، وأنه هو الله بما أحيا به من الموتى، ولذلك نسبوا إلى الكفر وهو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصور بشرية(2) عيسى . فقال تعالى "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم فجمعوا بين الخطأ والكفر(3) في تمام الكلام كله لأنه(4)لا بقولهم هو الله ، ولا بقولهم ابن مريم ، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء(5) الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك (58 - ب) . فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية(6)للصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا ، بل جعلوا الهوية(7) الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم (8)، لا(9) أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ ، ثم نفخ ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان(10) النفخ من الصورة ، فقد كانت ولا نفخ ، فما هو النفخ من حدها الذاتي . فوقع الخلاف بين أهل الملل في

Page 141