89

فلا نبي بعده : يعني مشرعا أو مشرعا له ، ولا رسول وهو المشرع . وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله لأنه يتضمن انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامة . فلا ينطلق عليه اسمها الخاص بها فإن العبد يريد ألا يشارك سيده -وهو الله(1) - في اسم ؛ والله(1)لم يتسم(2) بنبي ولا رسول ، وتسمى بالولي واتصف بهذا الاسم فقال "الله(3) ولي الذين آمنوا" : وقال "هو الولي الحميد" .

وهذا الاسم باق جار على عباد الله دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختص به العبد دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة : إلا أن الله لطف(4) بعباده ، فأبقى لهم النبوة العامة التي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام ، وأبقى لهم الوراثة في التشريع فقال "العلماء ورثة الأنبياء" . وما ثم ميراث في ذلك إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . فإذا رأيت النبي يتكلم بكلام خارج عن التشريع فمن حيث هو ولي(5)وعارف ، ولهذا ، مقامه (55- ب) من حيث هو عالم أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع . فإذا سمعت أحدا من أهل الله يقول أو ينقل إليك عنه أنه قال الولاية أعلى من النبوة ، فليس يريد ذلك القائل إلا ما ذكرناه. أو يقول إن الولي فوق النبي والرسول ، فإنه يعني بذلك في شخص واحد : وهو أن الرسول عليه السلام - من حيث هو ولي - أتم من حيث هو نبي رسول(6)؛ لا أن الولي التابع له أعلى منه، فإن التابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه(7)؛ إذ لو أدركه لم يكن تابعا(8) له فافهم. فمرجع الرسول والنبي المشرع إلى الولاية والعلم . ألا ترى الله تعالى قد أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا "وقل (9) رب

Page 135