86

من كان . فتحقق هذه المسألة فإن القدر ما جهل إلا(1) لشدة ظهوره، فلم يعرف وكثر فيه الطلب والإلحاح . واعلم أن الرسل صلوات الله عليهم - من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون - على مراتب ما هي عليه أممهم . فما عندهم من العلم الذي أرسلوا به إلا قدر ما تحتاج إليه أمة ذلك الرسول : لا زائد ولا ناقص .

والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض . فتتفاضل الرسل في علم الإرسال بتفاضل أممها ، وهو قوله تعالى "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض" كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السلام من العلوم والأحكام متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو قوله (2) وولقد فضلنا بعض النبيين على بعض" . وقال تعالى في حق الخلق والله فضل (53 -1) بعضكم على بعض في الرزق" . والرزق منه ما هو روحاني كالعلوم، وحسي كالأغذية،وما ينزله الحق إلا بقدر معلوم، وهو الاستحقاق الذي يطلبه الخلق : فإن الله "أعطى كل شيء خلقه " فينزل بقدر ما يشاء، وما يشاء(3) إلا ما علم فحكم به وما علم- كما قلناه(4) - إلا بما أعطاه المعلوم(5) . فالتوقيت في الأصل للمعلوم، والقضاء والعلم والإرادة والمشيئة تبع للقدر (6) . فسر القدر من أجل العلوم، وما(7) يفهمه الله تعالى إلا لمن اختصه بالمعرفة التامة . فالعلم به يعطي الراحة الكلية للعالم(8) به ، ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا . فهو يعطي النقيضين ا وبه وصف الحق نفسه بالغضب والرضا(9)؛ وبه تقابلت الأسماء الإلهية . فحقيقته تحكم في الوجود(10) المطلق والوجود(10) المقيد، لا يمكن أن يكون شيء أتم منها

Page 132